كل شيئ يتكرر قد يُمَل، إلا أن يمضي عليه بعض الوقت قبل أن يتكرر، إلا الصباح فمع أنه يأتي كل يوم؛ إلا أنه يأتي كل يوم بوجه جديد، و إشراق أروع.
الصباح آية من آيات الله ! يتكرر كل يوم، و لكنه يأتي جديدا كل يوم.
يالروعة الصباح الجميل؛ جمال يستغرق الجمال، شروق تشرق معه النفوس، و تبتهج الأرواح، و تحلق في ملكوت الله مأخوذة بأٓيات الله، من فجرٍ يطوي الظلمة، و صبحٍ يتنفس بذكر الله«فالق الإصباح.....» و شروق ينشر النور، فترى قمم الجبال و قد لوّنها الإشراق بالذهب، و ترى أسفل الجبال أو وسطها و قد تحزّمت باللُّجَين، أو كأنها ارتدت ثياب الإحرام الناصع البياض؛ غمام أبيض يتلبّد أحيانا، و يسير أحيانا أخرى، فإذا أنت مسحور بجمال ساحر أخّاذ «صنع الله الذي أتقن كل شيئ».
نعم، يتجدد الصباح، و للصباح عشاقه المسحورون بجماله، المتطلعون إلى شروقه و انواره، الذين يتجددون معه، يستلهمون منه التجدد، و يعملون مثله على نسج مشاعر التجديد لمحو الظلمة، و نشر النور..!!
الصباح، لا يدرك جماله النائمون، إنمايدرك جماله المتوثبون نشاطا و حيوية، فعشاق الصباح عشاق حقيقيون، يعيشون له، و يعيشون به، و يجددون به الحياة و يتجددون.
النائمون لا يجدون جمال الصباح و لا يحسون بجماله، و هم و إن ناموا عن الفجر، و ناموا عن الصباح، إلا أن هؤلاء قد يلحقون بركب الصبح ضحى، و لا يجيرون، و لا يدعون العشق الذي يقوم به الآخرون..!!
لكن ؛ ثمة من يكرهون الفجر و يعادون الصباح. يكرهون كل ومضة نور؛ ذلك أنهم ألفوا الظلام، و استكانوا لحوالك الليل، و حتى إن جاء منهم من يتغنى بالصباح فإنما هم مقلدون، يقلدون عشاقه، و ربما بالغوا في إطراء الفجر و مدح الصباح لتقديم أنفسهم بأنهم العشاق الحقيقيون للصباح .. يفعلون ذلك في محاولة بائسة يائسة لسلب ميزة حب الفجر و عشق الصباح من العشاق الصادقين في عشقهم و حبهم.
من لا يشارك الفجر في نسج خيوطه، و لا يستمتع مع الصباح في استنشاق نسيمه، و لا يَبل صداه من ندى الشروق، و لا يستروح شذى العبير و الأزهار و هي تسكب عطرها، أو تتفتح للصباح، فهو ليس من رواد الفجر، و لا من عشاق الصباح.
الصباح و الشروق، يلازمان التفاؤل و الجمال:
و الذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا جميلا
المتجهم ! أو المتشائم ! لا يرى الصباح، و لا يحس بجماله، و تذهب به نفسه المتشائمة مذاهب بعيدة عن رؤية الجمال، باحثا عن زوايا مظلمة، و أوهام و ظنون.
و الأهم الذي يجب أن يتنبه له عشاق الصباح؛ أن يتنبهوا جيدا لأعداء الصباح، و مساعيهم لحجب أشعة الفجر، و دعمهم الرامي لإطالة الليل، و استمرار الظلمة. هؤلاء تدفعهم البوم و الخفافيش؛ لأنها لا تعيش إلا في الظلام، و لا تتحالف إلا مع الخرافات.
و الصباح في أرض السعيدة صباح دائم الإشراق، و إن اعترضه غبار التراب لحظات عابرة، فإنها سرعان ما تتلاشى ليعقبها نور الفجر، و ضياء الصباح.
غدا.. سيشرق الصباح من جديد، و سينتشر ضياؤه، و يمتد عهده؛ فللصباح مريدوه، و للصبح صانعوه.