محمد العلواني.. سبع سنوات على الرحيل المُر

محمد العلواني.. سبع سنوات على الرحيل المُر

مرت سبع سنوات على رحيل الأستاذ الصحافي "محمد العلواني"،  ومازال زملاءه وطلابه في مؤسسة "الصحوة" والوسط الصحفي اليمني يتذكرون رحيله الصادم حيث كان مازال شاباً في ذروة العطاء والنضج الإداري الراجح الذي كان يتميز به خلال السنوات التي قضاها من ضمن المسؤولين الإداريين البارزين في الصحيفة.


تاريخ حافل

في الرابع عشر من مايو/ آيار 2016 ترجل الصحفي اليمني البارز محمد حمزة العلواني في لحظة عصيبة كانت تعيشها اليمن والصحافة مع دخول الحرب الشاملة عامها الثاني على التوالي، ليترك وراءه تاريخاً حافلاً بالنضال الوطني والأداء والإنجاز المهني، تاركاً فراغاً في مؤسسة الصحوة التي كان حينها نائباً لرئيس التحرير ومدير تحرير "الصحوة نت".


ينحدر الصحافي العلواني من مديرية وصاب في محافظة ذمار، حيث ولد ونشأ فيها طفولته، بعد أن أكمل دراسته الجامعية في كلية الإعلام بجامعة صنعاء، بدأ العمل في مجال الصحافة، وعمل في العديد من الجهات الصحفية والإعلامية، وكان أبرزها صحيفة الصحوة، التي سطع نجمه فيها صحفيًا ومحررا منذ العام 1999.


للصحافي "العلواني" تاريخ طويل استمر نحو عقدين من الزمن، وكان أبرزها إدارة تحرير موقع الصحوة نت عام 2003، وبرز أيضاً في إدارته الفعالة للخدمة الإخبارية "الصحوة موبايل" في مختلف الظروف والمنعطفات السياسية التي شهدتها البلاد وأخطرها تغطيته لأحداث انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية في سبتمبر 2014، حيث استمر بتحديث هذه الخدمة وتطويرها للمشتركين رغم التحدّيات والمخاطر حتى إغلاق الخدمة نهائيا من قبل المليشيات في مارس 2015م.

كان عظمياً

وقال رئيس تحرير الصحوة محمد اليوسفي "تميز العلواني بروحه الجميلة، روح وضاءة طاهرة نقية، يملك صدرًا واسعا ونفسا طويلا وتفكيرا عميقا، يدافع عن المظلوم ويطالب بحقوقه، ويعفو عمن أخطأ أو قصر في حقه، وكان كشجرة طيبة خضراء وارفة يستظل بظلالها الجميع".

وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "كان الزميل العلواني "عظيمًا بمواقفه، وكبيرًا في آرائه السديدة والشجاعة، متفاني في عمله، لا يعرف الملل أو الكلل أو التأفف، بل كان كتلة متقدة من النشاط والحيوية".

وعن تعامله وعلاقته مع الآخرين، يقول اليوسفي "كان شخصية محبوبه من قبل زملائه ورفقاء النضال، هادئ الطبع لا تفارقه الابتسامة في كل حديث "، لافتا بأنه في عمله "كان يفكر دائماً بربط جمهور الصحوة بالعمل أكثر من ربطهم به شخصياً".

الصحافي المُعلم

حرص "العلواني" على تأهيل واعداد كادر صحفي متمرّس، وكان أحد أهم المؤسسين لموقع "الصحوة نت" كأول موقع إخباري يمني على شبكة الانترنت في ابريل 2002، وتعامل وزملائه مع الأخبار بمهنية عالية نالت ثقة الناس، وكان أشبه بوكالة أنباء يبث الأخبار على مدار الساعة.

وقال مدير الأخبار في قناة سهيل خالد العلواني، "إن الراحل كان واحدًا من ثلة صحافية مميزة ساهمت في تأسيس الصحوة نت، وشاركت بفاعلية في إرساء أسس الصحافة الالكترونية وإثراء العمل الصحفي في اليمن عموماً، وما تزال مؤسسة الصحوة شاهد حي تبرز من خلاله معالم مسيرة الفقيد الصحفية".


وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "أن الصحافة كانت بالنسبة للراحل العلواني حالة عشق، وقضية عادلة، وعمل رسالي، تفاني من خلالها في الانتصار للقضايا الوطنية وفقا لشروط ومعايير المهنة، ودار معها في فلك المواطن متلمسا همومه وتطلعاته وأشواقه، ومناصرا لحقوقه وحرياته، معتبراً أن تميزه في الإداء رسالة سامية في بلاط مهنة المتاعب".


من جانبه يستعيد الصحافي فؤاد العلوي ذكرياته مع بدايات عملة كصحفي وتتلمذه على يد الصحافي العلواني، وقال: "عرفته في العام 2005م، في غرفة زرقاء صغيرة، كانت في الأصل مطبخا، لكنها تحولت إلى مكتب يدار منه أهم موقع إخباري، وظل مؤثرًا في الساحة الاعلامية اليمنية من العام 2002م وحتى فارق الحياة".


وأضاف لـ"الصحوة نت" متحدثاً عن الراحل العلواني "سعة أفقه، وتفكيره الرحب، جعل من الصحوة نت مصدرا إعلاميا ينافس وكالة الأنباء اليمنية سبأ حينها، بل كان المصدر الأول للأخبار المحلية غير الرسمية، واستطاع الموقع بأسلوبه المهني الراقي في أن يحظى بثقة المتابعين محليا ودوليا".


وتابع العلوي بالقول: "مهما تحدثت عن الأستاذ محمد العلواني، فلن أستطيع أن أجمل ما عرفته عنه من سمو أخلاق وسعة بال، ومثابرة، وحرص على العمل، وحرص على تطوير مهارات زملائه، وتفهمه لبعض "تمرداتنا" التي كان يقابلها بأخلاق الأب الحليم، نحو ابنه".


الحرب القاتلة


كان الصحافي "العلواني" أحد المتضررين من الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي في اليمن منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء أواخر 2014م، وتعمّدها ملاحقة الصحفيين وإغلاق الوسائل الإعلام ومن ضمنها الصحوة، ما اضطره إلى مغادرة صنعاء إلى مسقط رأسه.


بعد تشريده وعائلته، أوقفت مليشيا الحوثي راتبه الحكومي وتوقفت حينها صحيفة الصحوة والذي كان نائباً لرئيس التحرير كآخر تعييين إداري في مسيرته الصحافية، وبعد عام من انتقاله إلى قريته الريفية ومحاولة التكيف مع الظروف والحياة القاسية، اضطر للعمل في زراعة الأرض لإعالة أسرته.


ورغم الوضع الذي كان يعيشه وتعيشه البلاد إلاّ أنه كان يتحين الفرص لإيجاد تغطية وكهرباء وإيصال الخبر للجمهور رغم الخطورة، ليواصل عمله الصحفي لكنه في ذات الوقت كان يدير فريق "الصحوة نت" الذي تشرد في غالبية المحافظات اليمنية.


إلى جانب معاناة الحرب، كان الصحفي العلواني، يعاني داء السكر وظل يكافحه لعشر سنوات، وعندما أصبح محاصراً في القرية لا يستطيع التنقل بسهولة، كان يجد صعوبة في الحصول على الدواء، وتدهورت صحته وساءت أكثر بعد إصابته بحمّى الضنك وتأخر نقلة إلى المستشفى ليتوفى على إثرها.


خسارة فادحة

كان رحيله المبكر فاجعة للوسط الصحفي، ومثل رحيله فاجعة لزملائه، وخسارة كبيرة للصحافة اليمنية. وتحدث رئيس تحرير الصحوة محمد اليوسفي قائلاً: "كنت نعم الأخ والزميل ونعم السند والصديق، لا زالت صورتك البهية تراودني في كل حين وهكذا صوتك الرنان يهمس في اذني لم أستطع نسيانه".


واعتبر الصحافي فؤاد العلوي وفاة العلواني بأنها كانت "صدمة" وقال: "من أعظم الصدمات التي واجهتني في حياتي، ولا أبالغ إن قلت إن أعظم نوبة بكاء انتابتني في حياتي كانت يوم قرأت خبر وفاته عبر رسالة تلغرام من موقع الصحوة نت".


من جانبه قال الصحافي خالد العلواني "خسر الوسط الصحفي الكثير من الدينامية الخلاقة، وافتقد لسمته، وحضوره الجميل لكن رجال الصحافة لا يؤمنون بالبكائيات بل يمضون على الدرب لاستكمال المسيرة، مع إعطاء كل ذي حق حقه، وحسبه تكريما أنه ما يزال فينا حيا ساكنا كل الصدور".


وتابع" "كل من عرف الفقيد محمد العلواني، عن قرب يدرك أنه ما يزال ماثلاً بيننا بقيمه ومبادئه ونهجه ومهنيته ومسلكه، وما الذكرى السنوية إلا محطة للاستحضار المكثف لمسيرته الصحفية، وعرفان من زملاء المهنة بحقه ودوره الرائد".


ويبقى الصحافى العلواني في وجدان زملائه ومن تتلمذ على يده في خطواتهم يتذكرونه جيداً مع كل المنعطفات الصحافية التي تواجههم، وبشكل عام تميز بهدوئه وعملة الدؤوب الذي كان يتركه يتحدث عنه بعيداً عن الأضواء والاستعراض، كان يعمل كثيراً ولا يتحدث وتلك السمة الأساسية التي لازمته طوال عمله.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى