قال مدير عام مشروع "مسام" لنزع الألغام في اليمن، أسامة القصيبي "أن اليمن تتعرض لأكبر عملية زراعة ألغام منذ الحرب العالمية الثانية بأعداد مهولة وبطريقة عشوائية وعلى مساحات شاسعة في مختلف الأراضي اليمنية".
وكشف في مقابلة مع موقع "الصحوة نت"، "أن عدد الألغام التي تمت إزالتها في اليمن بلغ 419,997 لغماً وعبوة ناسفة، فيما بلغت المساحة المطهرة من الألغام نحو 50 مليون و887 ألف متر مربع، واستشهد 33 عاملاً في المشروع بينهم أربعة خبراء أجانب".
وأشار "تعمل الفرق حالياً في محافظات، عدن، الضالع، مأرب، شبوة، تعز، الحديدة، وعلى امتداد الساحل الغربي، بالإضافة إلى فرق الاستجابة السريعة التي تتحرك وفقاً للبلاغات التي نتلقاها".
وأوضح القصيبي أنه "من الصعوبة الحديث عن أرقام لعدد الألغام في اليمن، لأن عمليات زراعة الألغام مازالت متواصلة، لكن حجم ما يتم إزالته يومياً من الألغام يؤكد أننا أمام كارثة حقيقية".
وتابع: "ميليشيا الحوثي لم تتوقف يوماً واحداً عن زراعة الألغام، علماً بأن وتيرة الزراعة ترتفع مع كل هدنة".
وأشار مدير مشروع "مسام" "أن تعز والساحل الغربي والجوف تعد من أكثر المناطق التي لُوثت بالألغام والعبوات الناسفة وتعرضت لعمليات زراعة الألغام، وذلك من خلال كثافة عدد الألغام المنزوعة وأيضا عدد الإصابات".
ولفت "كذلك محافظات شبوة ومارب حيث تمت زراعة الألغام في كل المناطق الحيوية التي ترتبط مباشرة بحياة المدنيين ومصادر سُبل العيش فيها".
وقال القصيبي "أن إصرار الحوثيين على زراعة الألغام بهذه الكثافة وبطرق مختلفة رسالة للعالم أنهم يريدون قتل اليمنيين بأي طريقة، ولا يوجد أي معنى آخر لذلك".
إلى نص المقابلة...
بداية كيف جاءت فكرة مشروع "مسام" لنزع الألغام في اليمن؟
- جاءت فكرة مشروع "مسام" لنزع الألغام امتداداً لجهود المملكة العربية السعودية الإنسانية، وفي إطار سعيها الدائم لمساعدة الأشقاء في اليمن على التخلص من الألغام المزروعة والمنتشرة بشكل عشوائي، وكذلك الذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة.
انطلق مشروع "مسام" منتصف يونيو 2018 تحت مظلة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بخبرات سعودية وعالمية وكوادر يمنية دربت على إزالة الألغام بمختلف أشكالها وصورها المنتشرة في الأراضي اليمنية، والتي أودت بحياة الكثير من الأبرياء من الأطفال، والنساء، والشيوخ، والمدنيين العزل، إضافة إلى ما يقدمه من أعمال تستهدف بناء القدرات اليمنية في مجال نزع الألغام، والتوعية بمخاطر الألغام وكيفية التعامل معها تفاديا لوقوع المزيد من الضحايا.
أين يتركز عمل المشروع حالياً، وما آخر الأرقام و الإنجازات التي حققتموها في نزع الألغام؟
- تعمل الفرق حالياً في عدة مواقع بمحافظات، عدن، الضالع، مأرب، شبوة، تعز، الحديدة، كما تنتشر الفرق على امتداد الساحل الغربي، بالإضافة إلى فرق الاستجابة السريعة التي تتحرك وفقاً للبلاغات التي نتلقاها.
وقد تمكنت الفرق الهندسية لمشروع "مسام" منذ اليوم الأول لعملها وحتى اليوم من نزع 419,997 لغما وعبوة ناسفة منها 141,554 لغماً مضاداً للدبابات، و6,368 لغماً مضاداً للأفراد، و7,899 عبوة ناسفة، بالإضافة إلى264,176 من الذخائر غير المنفجرة، ليصبح إجمالي المساحات المطهرة 50,887,612 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية.
عملية نزع الألغام معقدة في طبيعة وعرة.. كيف تواجهون تحدي عدم وجود خرائط للألغام التي زرعتها الميلشيات؟
- تمثل هذه المشكلة أبرز العقبات التي تواجهنا في اليمن، فالألغام التي زرعت بعشوائية وبأعداد كبيرة تغطي مساحات شاسعة، وتتلقى غرفة عمليات "مسام" التي تعمل على مدار الساعة البلاغات من المواطنين في المناطق ذات الكثافة السكانية بوقوع حوادث تتمثل في: انفجار ألغام بالقرب من المنازل، والمدارس، والمزارع، والمساجد، وآبار المياه، وفي كل مكان يمكن تخيله.
وحقيقة، فإن مسألة التعامل مع هذه المشكلة بالنسبة إلينا تتم من خلال الخبرات المتوافرة لدى مشروع "مسام"، بالإضافة إلى الإمكانيات الفنية والتقنية المتوفرة.
عملت مليشيا الحوثي على زارعة الألغام بصور وأشكال مختلفة.. هل ممكن تذكرون لنا اشكال الألغام المختلفة التي تقوم مليشيا الحوثي بزراعتها؟
- تتعامل فرق مشروع "مسام" الهندسية مع جميع الألغام الأرضية المزروعة في اليمن، ومنها الألغام محلية الصنع والتي يتم تطويرها باستمرار وفي العديد من المناطق بأحجام وأشكال وأهداف مختلفة وتمثل 85٪ من إجمالي الألغام المنزوعة.
كما تتعامل مع العبوات الناسفة التي تم تطويرها وتمويهها من قبل الميلشيا الحوثية، والتي يتم التعامل معها بتقنيات حديثة، وتتلقى الفرق الميدانية تدريبياً مستمراً للتعامل مع الألغام المموهة والعبوات الناسفة التي تتخذ عدة أشكال مثل الأحجار والصخور.
هل لديكم تقديرات عن عدد الألغام التي قامت بزراعتها مليشيا الحوثي في اليمن؟
- تتعرض اليمن اليوم لأكبر عملية زراعة ألغام منذ الحرب العالمية الثانية بأعداد مهولة وبطريقة عشوائية وعلى مساحات شاسعة في مختلف الأراضي اليمنية التي تتميز بتضاريس متنوعة وصعبة في ذات الوقت.
ومن الصعوبة الحديث عن أرقام في هذا الجانب، نظراً لأن عمليات زراعة الألغام مازالت متواصلة، لكن حجم ما يتم إزالته يومياً من الألغام يؤكد أننا أمام كارثة حقيقية، فمليشيا الحوثي لم تتوقف يوماً واحداً عن زراعة الألغام، علماً بأن وتيرة الزراعة ترتفع مع كل هدنة.
ونحن في "مسام" نعلن أرقاماً أسبوعية تشمل احصائيات ما تم نزعه، وما تم اتلافه من ألغام مضادة للأفراد، وأخرى مضادة للدبابات وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة، ويمكن القول بأننا بصدد أرقام مفزعة في اليمن.
خلال مسيرة نزع الألغام استشهد عدد من المهندسين.. كم عدد الضحايا الى الآن وما جنسياتهم؟
- مشروع "مسام" خلال مسيرته في العمل في الأراضي اليمنية، قدم تضحيات في سبيل تحقيق رسالته في "يمن خالٍ من الألغام"، وفقدنا 33 شهيداً من طاقم المشروع بينهم 5 خبراء أجانب، وقدم هؤلاء الأبطال أرواحهم في سبيل إنقاذ الشعب اليمني، إلا أن فقدهم لم يزدنا إلا عزماً وإصراراً على استكمال العمل الذي بدأناه، ونستمر فيه للعام السادس على التوالي.
ما هي المخاطر التي تواجه فريقكم أثناء اداء مهامهم؟
- بالتأكيد، إن العمل في مجال عمليات نزع الألغام من أشد الأعمال خطورة ولا يوجد فيها مجال للخطأ، فالخطأ الأول هو دائما الخطأ الأخير، وجميع مراحل الكشف عن الألغام حتى التخلص منها هي خطيرة، سواء في فرق المسح أو إبطال مفعول اللغم أو نقله أو تفجيره والتخلص منه، خاصة مع تضاريس مختلفة تشكل تحديا ًكبيرا لعمليات التطهير، وتتطلب الكثير من الجهد والعمل المستمر والمتواصل.
ولذلك نحن نحرص على تدريب العاملين لدينا بشكل مستمر للتعامل مع الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة بكل دقة واحترافية للحفاظ على سلامته وكذلك سلامة باقي أعضاء الفريق.
ما هي أكثر المحافظات اليمنية زرعت فيها ميلشيات الحوثي الالغام؟
- وفق إحصائيات نزع الألغام لمشروع "مسام" فإن تعز والساحل الغربي والجوف تعد من أكثر المناطق التي لُوثت بالألغام والعبوات الناسفة وتعرضت لعمليات زراعة الألغام. وذلك من خلال كثافة عدد الألغام المنزوعة وأيضا عدد الإصابات، وكذلك محافظات شبوة ومارب حيث تمت زراعة الألغام في كل المناطق الحيوية التي ترتبط مباشرة بحياة المدنيين ومصادر سُبل العيش في هذه المحافظات.
وتبذل فرق "مسام" في تلك المحافظات جهوداً مضاعفة، حيث تمكنت من تحقيق نتائج إيجابية في المناطق عالية التأثير، وإعادة النازحين إلى قراهم، والمزارعين إلى مزارعهم، والطلاب الى مدارسهم، وتسهيل الوصول الى إمدادات المياه، وتطهير الطرق الرئيسية التي يستخدمها الناس، والمراعي من الألغام.
ما هي الأولوية التي يضعها المشروع للعمل في منطقة ما باليمن، تحتاج للمساعدة بنزع الألغام؟
- تقوم الفرق الميدانية والهندسية بتحديد المواقع بعد الإبلاغ عن هذه المناطق، وتقوم الفرق بعمليات الكشف وتحديد أكثرها تلوثاً بالألغام ومن ثم تقوم بتطهير المنطقة من الألغام والذخائر التي لم تنفجر والعبوات الناسفة والقيام بعمليات التطهير الشاملة بما يتماشى مع المعايير الدولية المتعلقة بنزع الألغام، وبالطبع تكون الأولوية دائما للمناطق المأهولة بالسكان والمنشآت الحيوية تفاديا لوقوع المزيد من الضحايا.
هل لديكم خطط مستقبلية للتوسع في عملكم، ومتى تعتقد ان المشروع سيعلن انه حقق أهدافه؟
- ما نشهده في مجال عملنا يعطي مؤشراً أن الميليشيا الحوثية مستمرة في تلويث أرض اليمن بكافة أدوات الموت، ولم تتوقف يوماً واحداً عن زراعة لغم أو تفخيخ موقع، هذا بالنسبة للشق الثاني من سؤالك.
أما فيما يتعلق بالخطط المستقبلية، فنحن من جانبنا نعمل على مواكبة أي مستجدات على الأرض، ونلبي نداء الواجب في أي موقع كان.
في "مسام" نواصل عملنا ونطور من قدراتنا في سبيل تحقيق الهدف من وجودنا على الأراضي اليمنية، وهو التخلص من هذه الكارثة الإنسانية، ولدينا استراتيجية عمل واضحة تم الأخذ بعين الاعتبار عند اعدادها كافة المتغيرات ومتطلبات أي مرحلة سواءً من الناحية البشرية أو الفنية.
كيف تتشاركون العمل مع المؤسسات الحكومية اليمنية، وهل تجدون تفاعل كافي لتسهيل عملكم؟
- يعمل مشروع "مسام" في الأراضي اليمنية بالتعاون مع البرنامج الوطني اليمني للتعامل مع الألغام "يمك"، لدينا عمل مشترك وتدريب مشترك وبشكل دائم، وقد حققنا نتائج إيجابية جدا من التنسيق المشترك خلال السنوات الماضية.
كما ساهمت سمعة المشروع وجهوده في الداخل اليمني في تفاعل المواطنين اليمنيين مع المشروع والإبلاغ عن المناطق الملغومة، وهذا ينعكس كذلك في مساهمتهم وحرصهم على وجود المشروع الذي يسعى لتحقيق حياة آمنه خالية من الألغام.
كيف يمكن أن نوصف جريمة زرع الألغام العشوائية التي قامت بها ميلشيات الحوثي؟
- الألغام في اليمن كارثة بالمفهوم الشامل لهذه الكلمة، فهي من جانب تمثل تهديدا مباشراً على حياة المدنيين، ومن جانب آخر تقف حائلاً أمام كافة السبل التي يمكن أن يسلكوها في سبيل تحقيق حياة كريمة.
فوجودها في مزرعة أو أمام باب مدرسة أو في طريق يؤدي إلى سوق، يعني توقف الإنسان عن السعي لكسب قوت يومه وتطوير ذاته وتنمية بلاده، ما يلفت النظر في المخطط الحوثي الإجرامي هو أنه يسعى إلى قتل اليمنيين بشتى الطرق، وإن لم يتحقق هذا الهدف فليكونوا عاجزين مبتوري الأيدي والأرجل.
الإصرار على زراعة الألغام بهذه الطرق يحمل هذه الرسالة إلى اليمنيين وإلى العالم أجمع، ولا يوجد أي معنى آخر لذلك.