الذكرى السادسة لاغتيال شوقي كمادي.. الرصاصات ما تزال في قلب عدن

الذكرى السادسة لاغتيال شوقي كمادي.. الرصاصات ما تزال في قلب عدن

لم تكد مدينة عدن تلتقط أنفاسها، إثر عملية تحريرها من مليشيا الحوثي الإرهابية، في يوليو 2015، بدعم ومساندة التحالف العربي، حتى كانت أيادي القتل تترصد العديد من رموزها السياسية والاجتماعية والتربوية وقادة معركة التحرير، وأئمة مساجد، وآخرين يعملون في المجال الإغاثي والإنساني.

خدمة المشروع الحوثي

وحين كان أبناء هذه المدينة يحتفون بالنصر، ويحملون آمالاً في الاستقرار والبناء والتنمية، كعاصمة مؤقتة لتكون نموذجاً للمحافظات المحررة، كانت الأيادي الآثمة تعمل على مصادرة البسمة، وتخطط لأعمال إرهابية، ضحاياها هم أبناء عدن الذين كانوا في مقدمة صفوف معركة التحرير، وكانت البداية باغتيال محافظ عدن الشهيد جعفر محمد سعد، بتفجير إرهابي.

هذه الاغتيالات لم تكن سوى استكمال للدور الذي تقوم به مليشيا الحوثي في إسقاط الدولة اليمنية، وهو الدور الذي دشنته من صعدة مروراً بعمران وصنعاء، مارست فيه كل أشكال القتل والدمار والتصفيات، وهو ما جعل عمليات الاغتيال الإجرامية التي طالت رموز عدن، خدمة للمشروع الحوثي الإمامي، فقد كان الضحايا هم الذين تصدروا مواجهة هذه المليشيات المتوحشة القادمة من كهوف صعدة لتنشر القتل والخراب والأفكار الشاذة.

الشهيد كمادي.. أيقونة عدن

استمرت أعمال الاغتيالات الوحشية بصورة توحي بإرهاب منظم، تكشفت خيوطه فيما بعد، حتى كان يوم 13 فبراير من العام 2018، حين أقدم مسلحون ملثمون على إطلاق الرصاص على الشيخ شوقي كمادي، عضو المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن، حينما كان متجهاً إلى مقر عمله في المعلا، ثم لاذوا بالفرار على متن دراجة نارية.

هذه العملية الإرهابية والجبانة، التي مضى على اقترافها ست سنوات، خلفت موجة غضب عارمة في عدن المسالمة، التي تلطخت بدماء خيرة أبنائها، فشوقي الكمادي كما يراه أبناء مدينته، أحد أعلامها ووجهائها وتربوييها، وواحداً من قادة الرأي، وأحد أبطال المقاومة للدفاع عن عدن في وجه جحافل الموت الحوثية العنصرية.

ووصف رئيس الوزراء حينها الدكتور أحمد عبيد بن دغر، عملية اغتيال الشيخ كمادي بأنها "محاولة بائسة للتعبير عن فشلهم أمام تلاحم المجتمع الذي يحاربهم وينبذ أفكارهم الهدّامة".

كانت جريمة اغتيال الشيخ كمادي بمثابة إعلان أن مسلسل القتل الصامت لن يتوقف في هذه المدينة، وأن ما تقوم به عصابات الشر التي تقوم بهذا الإرهاب الممنهج، إنما يأتي استكمالاً لما فشلت فيه مليشيا الحوثي الإرهابية، التي خرجت من عدن تجر أذيال الهزيمة.

رصاصات المجرمين في قلب عدن

لم تكن جرائم الاغتيالات التي طالت رموز عدن تهدف لتصفيتهم فحسب، بل كانت تستهدف المدينة المسالمة التي خرجت منتصرة في مواجهة المليشيا الحوثية، فبقدر ما كانت جريمة اغتيال كمادي فاجعة مزلزلة وجريمة تصفية بحق شخصية اجتماعية من الطراز الأول، تضاف إلى سلسلة جرائم سابقة بحق شخصيات اجتماعية ودينية، فقد كانت تستهدف قلب عدن، وأمنها وسلمها الاجتماعي، وتعيق تحولها إلى عاصمة نموذجية ونموذج مناسب للمحافظات المحررة من مليشيا الإمامة.

وقد سبقت عمليات الاغتيالات والتصفية حملة تحريض ممنهجة، عبر أبواق رخيصة ومأجورة، كانت تعمل وفق مخطط تصفية مكتمل لإفراغ عدن من رموزها السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية، ورموز المقاومة، وإخلاء عدن لمشاريع الظلام والتفتيت، بعد أن فشلت مليشيا الحوثي في ذلك.

الإصلاح في مرمى الإرهاب

وبدا واضحاً من خلال الشخصيات المستهدفة، أن التجمع اليمني للإصلاح كان على رأس المستهدفين، فقد كان أغلب الضحايا من قياداته وكوادره التي شكلت النواة الأولى لمقاومة مليشيا الحوثي، وناضلت حتى تحررت عدن، وكان أحد أهداف القتلة، جر الإصلاح إلى العنف.


وحينها أكد رئيس إعلامية الإصلاح علي الجرادي أن هذا المشروع "الذي يدير أعمال الاغتيالات" يهدف لتصفية جنوب البلاد من ضميرها الاجتماعي وقواعدها السياسية، كون التنفيذ تم بأدوات محلية ولأهداف ذات صلة بتهيئة مشاريع محلية.

ووصف نائب رئيس إعلامية الإصلاح عدنان العديني الوضع حينها بأن "من لم تصل إليه قناصة الحوثي أثناء اقتحام عدن تتكفل قناصة أخرى إنجاز ما تبقى من المهمة القذرة في استهداف قوى المجتمع الحية وتسوية الأرضيّة لسلطة شمولية لا صوت ينافسها"، معتبراً ما يحدث تطهيرا سياسيا واستهدافا للمجتمع لأجل الإخضاع المستقبلي وإفقاده قياداته الفاعلة حتى يتسنى لسياسة القهر أن تعبر دون صوت معترض.

بينما أكد المكتب التنفيذي للحزب في عدن، في بيان نعي الشيخ كمادي، أن الإصلاح يدفع ثمنا باهظاً لمواقفه الوطنية، وتبنيه خيارات الناس، وهو الخيار الذي لن يحيد عنه مهما حاول العابثون الواهمون إضعافه أو التأثير عليه، كما أن الحزب ليس وحده على هذا الطريق.

ست سنوات والجريمة لن تسقط بالتقادم

مضت ست سنوات على اغتيال شوقي كمادي، بينما لا تزال القضية مقيدة ضد مجهول، ولا تزال حية في قلوب ووجدان أبناء عدن وكل اليمنيين، الذين يؤكدون مراراً أن جرائم القتل والإرهاب التي طالت قيادات المجتمع العدني ورموزه ودعاته لن تسقط بالتقادم، وأن التاريخ لن يرحم الجناة والمتواطئين معهم، حتى وإن نجوا -إلى حين- من العقاب الرادع والمحاكمة العادلة.

بينما يرى كثيرون أن اللجوء إلى القضاء الدولي في جرائم اغتيالات القيادات السياسية والاجتماعية في عدن، أصبح ضرورة لا بد منها بعدما أثبت القضاء المحلي عجزه عن التحقيق في هذه الجرائم، وتبين أن نفوذ القتلة وداعميهم أقوى من سلطة القضاء.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى