مستقبل أجيال اليمن في ظل مناهج الحوثية ودورات الشحن الطائفي

مستقبل أجيال اليمن في ظل مناهج الحوثية ودورات الشحن الطائفي

(إن تاريخ المجتمعات هو تاريخ المنافسة بين التعليم والكارثة) أرنولد توينبي.

والحوثية كارثة على المجتمع والتعليم واليمن والوطن العربي ككل،ليس لأن الحوثية تدمر التعليم فحسب،بل أنها بتدميرها للتعليم والنشئ فإنها تدمر المجتمع معا، خصوصا وأن التعليم جزء من المجتمع،والمجتمع المدمر يفقد قوته وقدرته،ورهانه على التمسك بالتعليم حتى لا يتحول التعليم في ظل الحوثية إلى تعميق الفئوية والتخلف والإنقسام والتمايز الذي يفقد التعليم غايته الأساسية.

فغاية التعليم منظومة من القيم الأخلاقية والغنسانية والوطنية والمعرفية والإجتماعية،باعتبارها منظومة متكاملة،إذ التعليم هو المنظومة الكبرى في حد ذاتها والتي تستمد أصولها من الحقيقة الطبيعية التي تفرق الإنسان على باقي كائنات الكون،ممثلة في العقل وحب المعرفة،ومن تلك المنظومة الكبرى تولدت سائر منظومات الكون الأخرى.

ولذا كان ولايزال التعليم كجوهر قيمي بمثابة المرءآة الدقيقة للحضارة والمدنية والمخلص الأمين لسجلها.

وبالتالي فالحوثية تتخذ من التعليم تدعيما للصراع وللأزمة الاستراتيجية الممسكة بخناق اليمن والوطن العربي؛حيث تسترعيه لتعميق عقائدية تناقضية وكوسيلة لمحاربة الشرعية والمجتمع والدولة،إذ يظهر التناقض في تعدد الولاءات على الصعيد الواحد،وتناقض الانتماءات مع الولاء السياسي. ليس بوصف التعليم انجازا لقيم الإلتحام والمحاورة والمشاركة،ومساهمة في التغيير والإرتقاء بالإنسان والاستجابة للرغبة في المعرفة،بل أداة ومرتكزا لضرب القيم، وخلق القابلية للتبعية والاستعمار الذي تشنه الحوثية على الدولة والمجتمع،وبالتالي خلق تداعي الثقة بمؤسسات النسق العام للمجتمع،وتوليد الإغتراب كنتيجة للتسلط والقهر المدرسي،ذلك الإغتراب الناشئ من انعدام الثقة والاحساس بأن التعليم عملية مفروضة،الأمر الذي يجلب فتور الدافعية نحو التعليم،وصولا إلى ما سماه باولو فرايري"ثقافة الصمت" انتاجا لهكذا تعليم،وهذا يعني قهر المتعلم وتعطيل طاقاته وقدراته والسيطرة على تفكيره وتعطيل ضميره من ثم،أي تدمير واغتيال للتربية وتشكيل الشخصية الإنسانية والإجتماعية السوية.

 

فأصبح التعليم في ظل النهج والمناهج والدورات الطائفية كبرامج للحوثية عنوانا صارخا للشهادة في "سبيل الحوثية"، لا الشهادة في سبيل"العلم"والقيم الوطنية أو الإنسانية.إذ التعليم كقضية هنا لم يعد كمفهوم مرتبطا بمفهوم المشكلة التي تعني حالة أو ظرفا أو خطرا يهدد فردا أو جماعة أو مجتمعات بعينها،بل إنه مرتبطا بالأزمة التي هي تحد أعمق وأكثر ارتباطا بمستقبل مجتمعا بكامله.

 

فما هو مستقبل هكذا اجيال!؟

 

تساؤل قاتل واجابة أكثر من قاتمة أو كارثة بالمعنى الحرفي للكلمة،ليس لأن هكذا جيل قد تم اغتياله بأيدي الحوثية،اغتيالا معنويا وعمديا ماديا معا،إذ الجيل بالمفهوم السياسي يساوي"=١٠سنوات"وليس كما هو في علم الإجتماع،سيما وأن خريجي اليمن من الثانوية بالآلاف،معظمهم لم يستطيعوا استكمال تعليمهم الجامعي،تبعا لانعدام المال الذي يجب على هكذا تعليم،وصولا للبطالة التي تضرب اطنابها في عمق المجتمع والشباب وتتوارثها اجيال اليمن جيلا فجيلا،اضافة إلى انسحاقهم تحت وطأة الميليشيا ودورات العنف والإرهاب التي تعتنقها الحوثية،الأمر الذي ضاعف من عدم الاستقرار النفسي لهؤلاء الطلبة،وانعدام الأمن بالمعنى المجتمعي والسياسي والثقافي معا،فالحصار مضروبا من كل جانب عليهم،ومنهم من استسلم للحوثية واخضع لتوجهها وتوجيهها السلبي والمدمر،ومنهم من انعدمت فيه الثقة بالنفس والأمل في امكانية الخروج من هذا النفق المظلم الذي ينتظر اجيال اليمن ومصيرهم ومستقبلهم معلق في الهواء،بدون إرادة وبدون مقاومة،إذ أن كل العوامل المجتمعية من مال منعدمة لمقاومة هكذا ظروف قاسية وقاتلة ومغتالة للأمل،فالحوثية بهكذا سياسات تعمل على استمرارية النسق السياسي المغلق،وتكشف عن السياسات والإدراكات الحقيقية من وراء هكذا سياسة،إذ الهدف هو مسخ هكذا جيل ونشئ متشرب لداء العبودية الذي تعتمره الحوثية،وانقضاضا على سيادة الجيل وفرديته وطاقاته،واحتوائها لايكون الا في سبيل الحوثية وإليها وعبرها يؤول ويدمر،لاعتقادها وعقيدتها الاستعمارية والكارثية على الوطن والعرب ككل.

وإذا كان الإنسان يولد مرتين:بيولوجيا واجتماعيا،فالحوثية تبتغي استقبال اجيال اليمن بيولوجيا وإفنائه اجتماعيا،حيث لا سياسي ولا سياسة،لا اجتماعي ولا ثقافي الا بها ومن أجلها وفئويتها القذرة..وهذا هو الخطر والتهديد الوجودي المباشر والعلني والمفضوح إلى جانب اخطار وتهديدات الحوثية الاخرى على اليمن ومستقبلها،ماضيها وحاضرها واجيالها معا..فهل آن الأوان  لوضع حد لهكذا تهديدات مباشرة واخطار بالجملة وحرب مفتوحة  على اليمن ومستقبل ابنائها!

إذ لا مستقبل وفقا لهكذا أوضاع ..والحقيقة أمر من العلقم...،ولا لمواجهة الواقع من موقع النفي كما يقول طرابيشي.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى