شهدت مساجد محافظة إب خلال أيام رمضان المبارك، إقبالًا غير مسبوقا على صلاتي التراويح والتهجد، مقارنةً بالفترة ما قبل الإنقلاب، في ظل المضايقات التي تمارسها مليشيا الحوثي على المواطنين بمناطق سيطرتها.
ومنذ اليوم الأول للشهر الفضيل، يزدحم المصلّون في مساجد مدينة إب لأداء الصلوات الخمس والنوافل، وخاصة صلاتي التراويح ومؤخرًا التهجد في الثلث الأخير من الليل، إذ أن ممارسات المليشيا الطائفية أعادت لأبناء المحافظة العزيمة بصورة كبيرة للتمسك بسنن ونوافل تهدف المليشيا بممارساتها لإيقافها والتضييق عليها.
الشاب محمد سعيد الجلال، أكد أن ممارسات المليشيا الطائفية تجاه معتقدات المجتمع في محافظة إب، دفعته للتمسك بسنتي التراويح والتهجد بصورة أكبر من السنوات الماضية، إذ أن حضوره لها يوميا منذُ اليوم الأول لشهر رمضان ولا يتخلف عنها إلا لعذر قاهر حد قوله.
من جانبه، يرى المواطن الخمسيني حمود عقيل أن الحضور لصلاة التراويح هذا العام كبير ولم يسبق أن شاهد مثل هذا الحضور في الأعوام الماضية.
ويضيف عقيل، أن السبب الأكبر لحضور الناس لصلاة التراويح ومثلها التهجد يعود لممارسات الحوثيين بحق المساجد في إب، من مضايقات وتصرفات جعلت الناس يقبلون على هذه السنن والقربات، بكونهم يدركون أن المليشيا الحوثية لا تحارب إلا كل شيء له دلاله وأثر في أوساط المجتمع.
مليشيا الحوثي ومنذ سيطرتها على محافظة إب منتصف أكتوبر 2014م، تسعى جاهدة لنشر أفكارها ومعتقداتها الطائفية والمذهبية، وتتخذ من شهر رمضان مناسبة وفرصة كبيرة لنشر تلك الأفكار، مستغلة التجمعات في المساجد، والتي تستهدف معتقدات المجتمع المحلي المتمسك بالمذهب الشافعي، الأمر الذي دفع المليشيا إلى تكثف أنشطتها المذهبية لإفساد معتقدات المواطنين والتأثير عليها، خاصةً على الأجيال القادمة.
المساجد هدف ووسيلة
الداعية "م أ" أكد أن مساجد إب، كانت هدفاً ووسيلةً للمليشيا في آن واحد، هدفا للمضايقات ووسيلة لنشر أفكارها ومعتقداتها الطائفية بين الناس، حيث تقوم بإرسال الخطباء والأئمة وتسيطر بالقوة على مساجد المدينة والمديريات، ضمن مشروع للمليشيا يهدف للسيطرة كليا على الخطاب المسجدي وتسخيره لصالح المليشيا بنشر أفكارها المذهبية واستقطاب مقاتلين والتغرير على شباب المحافظة.
وحولت مليشيا الحوثي العديد من مساجد مدينة إب، إلى أماكن للمقيل والسهرات الليلية، حيث تقوم ببرنامج يومي يتم الإستماع فيه لكلمة زعيم المليشيا وبث كلمة قبلها وكل ذلك يتم عبر شاشة تلفزيونية يتم تعليقها في المسجد لمتابعة برنامجها الطائفي اليومي، بالتزامن مع فتح مكبرات الصوت في كل المساجد بمدينة إب وبقية مديريات المحافظة.
خطابات تفسد روحانية رمضان
خطابات زعيم مليشيا الحوثي هي الأخرى، أفسدت روحانية وأجواء الشهر الكريم لدى أبناء المحافظة، حيث تعكر صفو جلسات الناس في منازلهم وحركة المجتمع بشكل عام، إذ لا يتم مراعاة الذوق العام للناس خصوصا مع عدم تقبل المجتمع للأفكار والمعتقدات الحوثية الطائفية ونفور الناس منها، وهو الأمر الذي يتشارك فيه جميع أبناء المحافظة.
اللافت في ما تشهده مساجد إب من إقبال على صلاتي التراويح والتهجد، هو أن المساجد التي تسيطر عليها المليشيا وعينت أئمة منها، صارت بحضور ضعيف ويقتصر على جيران المسجد من أبناء الحي ومن المسنين والذين لا يستطيعون الوصول إلى مساجد أخرى لا يوجد فيها أئمة أو أشخاص من مليشيا الحوثي.
مساجد أخرى كانت عنوان للحضور والازدحام، وصارت على العكس من ذلك بعد طرد الأئمة ومطاردتهم منها، أو السيطرة عليها من قبل المليشيا، كما هو الحال في جامع "البر" أحد كبريات مساجد المحافظة، والذي كان يكتظ بالمصلين في صلاتي التراويح، فيما صلاة التهجد كان الحضور يمتد إلى الشوارع المجاورة وكان البعض يسميه "حَرْم إب" تشبيها للزحام والحضور الكبير في الحرم المكي، غير أن وضعه حالياً على العكس من ذلك ولم يعد بذات الحضور والإقبال، غير أن مساجد أخرى لا تزال تحظى بالحضور كمسجدي الرحمن وعمر بن الخطاب وغيرها من مساجد محافظة إب العامرة بالمصلين.
اعتداء على حق العبادة
المركز الأمريكي للعدالة نشر تقريرًا يشير فيه إلى أن مليشيا الحوثي لا زالت مستمرة في سلوكها المعتاد في كل عام خلال شهر رمضان بالتضييق على اليمنيين في إقامة صلاة التراويح، مؤكدًا على أن ذلك السلوك يشكل اعتداءً واضح على أبرز الحقوق الأساسية، وهو حق العبادة كما أنه يُظهر مخالفة واضحة لخطابات المليشيا المتكررة في حرية إقامة الشعائر الدينية لكافة الأفراد.
وأفاد المركز، أن مليشيا الحوثي قامت خلال الأيام القليلة الماضية في محافظة صنعاء وعمران بالتضييق على حرية العبادة هناك عبر منع المصلين من أداء صلاة التراويح في المساجد بشكل كلي في بعضها وجزئي في الآخر.
مضايقات
وفي حادثة أخرى، رصد فريق المركز ذاته في العاصمة صنعاء مضايقات لأفراد يتبعون مليشيا الحوثي في مسجد "عمر بن الخطاب" بحي شميلة المجاور لمنزل الشيخ "صالح طعيمان" الذي يصلي فيه باستمرار، حيث قام أولئك الأفراد بمضايقة الامام والمصلين عدة مرات ومحاولة منعهم من إقامة صلاة التراويح وإجبار المسجد على بث كلمة زعيم المليشيا.
كما قامت مليشيا الحوتي باقتحام “المسجد الكبير” في محافظة عمران، شمال غرب البلاد، واختطفت عدداً من أعضاء جماعة التبليغ، على خلفية نشاط دعوي تقيمه الجماعة في المنطقة، ونقل عدد منهم إلى سجون مليشيا الحوثي بمديرية خمر.
وشدد المركز، على أن ممارسات وتقيدات مليشيا الحوثي تجاه حرية العبادة تشكل انتهاكاً صارخًا لحرية الدين والمعتقد وحقوق الإنسان، المكفولة لليمنيين بموجب المواثيق الدولية والدستور اليمني، مؤكدًا على أن كافة الشرائع القانونية تكفل لكل الأفراد الحق في التجمع وإدارة شئونهم الدينية والمجتمعية، حيث نص الدستور اليمني في المادة (41) على أن " لمواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة".
وحث المركز، مليشيا الحوثي على التوقف وبشكل فوري عن المضايقات التي تفرضها على حرية الأفراد في ممارستهم للشعائر الدينية لا سيما صلاة التراويح، مؤكدة على أن المليشيا مطالبة بضمان تمتع الأفراد بهذا الحق الأساسي بدلًا من القيود والانتهاكات التي تمارسها بحقهم.