سبع و خمسون سنة مضت على نكبة 5 حزيران 1967م. و هو اليوم الذي شن فيها الكيان اللقيط- بدعم غربي مفتوح - الحرب ضد مصر و سوريا و الأردن؛ و بغياب الدعم العربي المطلوب؛ مع أن شهود ذلك الزمن، و تلك الحرب يقولون: كان الموقف العربي يومذاك ٱحسن ألف مرة ؛ بل يُظلم في مقارنته مع الموقف العربي اليوم تجاه معركة طوفان الأقصى ..!!
الكيان اللقيط ؛ سمى تلك الحرب ؛ حرب الأيام الستة؛ متبجحا بأنه خاض معركة في ثلاث جبهات، و تمددت قواته - للأسف الأشد- في تلك الأيام الستة- فقط- لتحتل مساحات من الأرض العربية الطاهرة.
بلغ الكيان الغاصب عشيّة العاشر من حزيران ذروة غروره ، و قال قائلهم لقد حققنا نصرا يفوق أكثر أحلامنا تصورا، و تم وقف إطلاق النار في تلك العشية بين الجانبين، و حالة النشوة لدى العدو الغاصب في قمة الغطرسة و التجبر.
كانت نكبة 67 لا تقل سوءا و كارثة عن نكبة 48 ، و كان يفترض أن تمثل يقظة لا تقبل النوم ، و صحوة لا تقبل غفوة، و وحدة عربية لا تقبل التشرذم و التَّفتت. كما كان يفترض أن تعود القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح كقضية للأمة الإسلامية جمعاء . لكن أيا من تلك الأماني لم تتم ..!!
و بدلا من كل ذلك أصبحت شعوب الأمة ترى هرولة الخَيبة المهرولة نحو التطبيع الذليل ..!!
لكن الخير لا يغادر أهله، و هناك من قلب غزة ، و في شهر سبتمبر 1967م. راحت تَنشأ حركة المقاومة، بعد ثلاثة أشهر فقط من نكسة حزيران كما يسميها الإعلام العربي.
مضت النِّبتة تترعرع، و مضى الشيخ القعيد يبني صفوف تلك الحركة مقتفيا السبيل الأقوم، و الطريق الذي من سلكه لا يضل و لا يشقى، فجعل الله غايته، و الرسول قدوته، و الجهاد سبيله.
وأٓتت النبتة أكلها، و أعطت الحركة ثمارها، فلم تبال بحصار ، و لم تأبه لِتُهَمٍ طبخها الغرب، و أكلتها عقليات التطبيع، لكن النبتة مضت سامقة، شامخة، أصلها ثابت و فرعها في السماء، و لما فار التنور ؛ جَرّاء عدوان المحتل، و تخاذل المختل، و أُريد نَصْبَ صنم صفقة القرن المنحل، ثار الطوفان، مدمدما عليهم بذنبهم فسواها، فأصبحت الصفقة كالصريم ، و تنادى حلفاء اللقيط أن اغدوا على صنيعتكم قبل أن يأتي الطوفان عليها من القواعد إن كنتم فاعلين.
و انتظر الطوفان الأقرباء، علّ حَميّة تثور، أو نخوة تستيقظ، فإذا الألسنة خرساء ، و الأسِنّة معطّلة، و ليت الأمر توقف عند هذا، و إنما خرجت أبواق تبلبل ضد القريب، و تتزلف الغريب، فيما العِلْية بمقاعد المتفرجين ..!!
و اليوم تعود ذكرى عشية حزيران، و عشيّة وقف إطلاق النار تلك؛ لتجد أمامها عشية غير تلك العشية؛ عشية أعدّها الميدان، و نفّذها الطـوفــــــان، و لسـان حال اللقيط الغاصب ؛ المتبجح بالأمس،المتوجع اليوم ، يقول : لقد لقينا من هذا الطوفان أسوأ مما كنا نتصور "وتلك الأيام نداولها بين الناس".
الأرض هي الأرض، و الناس هم الناس، و لكن منهج البنــاء، و نوعية البناء كان لها ثمارا و نتائج غير نتائج التهريج؛ لمنهج البناء غاية، و قدوة، و سبيل . فلله دَرُّ مَنِ الله غايتهم، و إليه سبيلهم.