"شركات الاتصالات".. سلاح حوثي لترهيب المجتمع وقمع الخصوم

"شركات الاتصالات".. سلاح حوثي لترهيب المجتمع وقمع الخصوم

عقب انقلابها على السلطة في العام 2014م، عمدت مليشيا الحوثي على بسط سلطتها على مؤسسات الدولة، بشقيها المدني والعسكري، من خلال تسريح الموظفين واستبدالهم بآخرين من قياداتها، ومنحهم مناصب مدراء ووكلاء ومشرفين في كل مؤسسات الدولة.

كانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات واحدة من أوائل وأهم المؤسسات التي سعت المليشيا إلى إحكام قبضتها عليها، واستبدلت مسؤولي المؤسسة بأفراد حوثيين حتى لو لم يكملوا دارستهم الثانوية، مستعينةً بمشرفين وخبراء اتصالات من لبنان وإيران، بحسب تقارير دولية.

 

عامل قوة

لقد مثَّل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات عامل ركيزة قوية للمليشيا الحوثية المسيطرة عليه، حيث استغلته المليشيات بفعالية في جوانب هامة وحساسة، ماليًا ولوجستيًا وأمنيًا ودعائيًا.

بحسب المختص في شؤون الاتصالات وتقنية المعلومات مصعب العامري، فإن" سيطرة المليشيا الحوثية على قطاع الاتصالات وموارده اللوجستية والمالية، واستمرار هيمنتها عليه طيلة سنوات الحرب، قد منحتها المليشيا تفوقًا ملحوظًا في أكثر من مجال، وساعدتها في حربها على اليمن واليمنيين.

وأوضح العامري، في حديثه مع لـ " الصحوة نت"، إلى " المليشيا لطالما سخَّرت هذا القطاع إلى أداة للتجسس على أفراد الجيش الوطني ومراقبتهم ورصد تحركاتهم، في سبيل تحديد أماكن التجمعات والقيادات والمقرات لاستهدافها بصورايخها وطيرانها المسير."

 

 

 مراقبة المواطنين

حولت مليشيا الحوثي شركات الاتصالات إلى منظومة مراقبة شاملة ترصد بيانات المواطنين وأنشطتهم، بدءاً من رسائلهم ومكالماتهم، وصولًا إلى تحديد مواقعهم ومعرفة أماكن تواجدهم، وذلك بهدف قمع أي تحركات ترى المليشيا بأنها تهدد سلطتها.

تمارس ضغوطات كبيرة، وتستخدم قوتها وسُلطتها، وكشف مصدر مسؤول في شركة اتصالات أهلية، قال "للصحوة نت" عن ممارسات مليشيا الحوثية القمعية حيث تمارس ضغوطاً هائلة على شركات الاتصالات اليمنية "حكومية وخاصة" مستخدمة قوتها وسلطتها لإجبارها على تمكينها من الولوج إلى بيانات المستخدمين والتجسس عليهم.

وأوضح المصدر أن" جهاز الأمن والمخابرات التابع للمليشيا الحوثية، هو من يدير عملية التجسس على المواطنين المشتبه بهم لدى الجماعة، وذلك من خلال تتبع ومراقبة حركة بيانات الأرقام الهاتفية المسجلة في أنظمة شركات الاتصالات، تحت إشراف مباشر من مهندسين وتقنيين من إيران ولبنان.

وأكد حقوقيون أن ما تقوم به المليشيات، من مراقبة لبيانات المستخدمين، يندرج تحت إطار القرصنة وانتهاك الخصوصيات، وهي أفعال تُعد جرائم تخالف القاوانين والتشريعات، وتدينها الأخلاقيات والأعراف.

 

ترهيب المجتمع

لا تكتف ميليشيا الحوثي بانتهاكاتها للخصوصية من خلال مراقبة بيانات المواطنين بل تحوّل مليشيا الحوثي شركات الاتصالات إلى عصا ترهب بها المجتمع وتهدده، وذلك من خلال إرسال رسائل SMS جماعية للمواطنين، عبر مختلف شركات الاتصالات في البلاد.

وأفاد مواطنون عن تلقيهم عشرات الرسائل النصية في شهر يونيو الماضي وحده، تطلبهم بالتعاون مع جهاز الأمن والمخابرات التابع للمليشيا الحوثية، والإبلاغ عن أي تحركات أو أنشطة مشبوهة تعمل لصالح العدو كما تنص الرسائل.

 

وتتضمن هذه الرسائل تهديدات صريحة للمواطنين، وتحذرهم من عواقب وخيمة في حال لم يمتثلوا لأوامر المليشيا.

تأتي هذه الحملة من الرسائل النصية المخيفة بعد أيام قليلة من اعتقال المليشيا الحوثي لعشرات العاملين في المنظمات المحلية والدولية في اليمن، تحت دعاوى التجسس والعمالة لصالح الكيان الصهيوني، وهو ما اعتبره ناشطون خطوة حوثية استهداف ممنهج من قبل العمل الإغاثي والإنساني في البلاد.

وفي السياق ذاته، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيانٍ لها الخميس الماضي، بحملة مليشيا الحوثي المستمرة ضد منظمات الدولية والمحلية واتهامها الباطلة بالتجسس والعمالة، وتجييشها للشارع للعمل لصالح أجهزتها مخابراتها.

وأكدت نيكو جعفونيا، باحثة اليمن في هيومن رايتس ووتش، بأن" الحوثيين يقومون بمراسلة الأشخاص للإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة مرتبطة بما يسمى شبكة التجسس، وتطلب منهم تسليم أنفسهم لجهاز الأمن والمخابرات الحوثي.

وحول هذه الرسائل التي ترسلها المليشيات إلى المواطنين، قالت جعفونيا: "إن مليشيا الحوثي تستخدم الخوف كأداة للقمع و السيطرة على المجتمع المدني في اليمن".

 

 دعاية سلالية

وفي إطار استغلال المليشيا لقطاع الاتصالات، عملت مليشيا الحوثي -ومن خلال إرسال رسائل SMS لجميع المواطنين- على جعل شركات الاتصالات منبرًا لتمجيد قاداتها والترويج لأفكارها السلالية وأجنداتها الفارسية.

يشير الكاتب "رضوان فيصل" إلى أنه من صور استغلال المليشيا للاتصالات في سبيل ترويج فكرها الأيدلوجي، هو -تعمد المليشيا في الرسائل التي تبعثها مع المناسبات الدينية- في استبعاد ذكر الصحابة في صيغة الصلاة على النبي واكتفائها بالآل فقط.

منوِّهًا بأن هذا أسلوب دعائي خطير تمارسه المليشيا الحوثية لبث الطائفية والترويج لأفكارها السلالية الضيقة، كما هو في الوقت نفسه استهداف ممنهج ومدروس بعناية لهوية وعقيدة شعبٍ بأكمله منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة.

 

وإلى جانب ذلك، تُسخر مليشيا الحوثي شبكة الاتصالات ورسائل SMS في دعوة المجتمع للتحشيد لفعالياتها الطائفية والسياسية طوال العام، كما تستغلها ماليًا في جمع تبرعات تحت مسميات المجهود الحربي ونصرة الأقصى والقوة الصاروخية وغيرها.

 دعوات لإنقاذ الاتصالات

وأمام هذه الممارسات أثار موجة غضب واستياء واسعة بين أوساط اليمنيين، واعتباره انتهاكاً صارخاً للخصوصية، وجريمة لا يمكن السكوت عليها. كما دعا ناشطون الحكومة الشرعية إلى اتخاذ خطوات رادعة وعاجلة لتخليص قطاع الاتصالات من قبضة المليشيا الحوثية، ونقل مؤسسة الاتصالات اليمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن.

الناشط الإعلامي أيلول الرداعي، قال لـ"لصحوة نت" بأن" مليشيا الحوثية ستظل متفوقة لوجستيًا، وستستمر حربها وجرائمها بحق الوطن والشعب، مالم تتمكن الحكومة الشرعية أولًا من تحرير الاتصالات وتبسط سلطتها على كافة مؤسسات الدولة.

ولفت "الرداعي" إلى أن المرحلة الحالية تؤهل الحكومة الشرعية لاتخاذ خطوات في سياق نقل الاتصالات إلى عدن، على غرار القرارات الأخيرة المتعلقة بنقل البنوك." موكداً أن هذه" القرارات رغم تأخرها إلاّ أنها أربكت حسابات المليشيا وجعلتها تبدو متخبطة وعاجزة.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى