احتفلت أسرة الزغروري بمدينة تعز، بإتمام 8 شقيقات، حفظهن للقرآن الكريم، كما تزامن ذلك اكمالهن دراستهن الجامعية في تخصصات علمية وأدبية.
يعتقد البعض أن هؤلاء الفتيات وأمثالهن من الحفاظ، فئة متفرغة لحفظ كتاب الله، - على الرغم أنه شرف - غير أن قصتنا هذه تكشف تفوقا فارقا على الرغم من ظروف الحرب التي تشنها المليشيا الحوثية على المحافظة منذ تسع سنوات.
الأسبوع الماضي. كرمت جمعية معاذ لخدمة القرآن الكريم، 721 حافظا وحافظة على رأسهم هؤلاء الحافظات، خلال حفل كبير شهدته المدينة بمناسبة تخريج.
فمن هؤلاء الحفاظ التي احتفت بهم جمعية معاذ، طلاب بالجامعات، وآخرين موظفين وملتزمون بدوامهم، وأخريات معلمات وربات بيوت، وكلهم يؤدون أعمالهم اليومية بشكل متميز إضافة إلى تعلم أو تعليم القرآن الكريم في مراكز التحفيظ.
في حديثها لـ "الصحوة نت" قالت بشرى الزغروري، احدى الشقيقات الـثمان الحافظات، "إنها التحقت بحلقات القران الكريم هي واخواتها وتفوقن في الحفظ".
وأضافت بشرى أنهن لم يتوقفن عند اتمامهن حفظ القرآن الكريم، فالتحقن في قسم المعلمات بجمعية "معاذ" للمشاركة في تعليم القرآن.
وأردفت بشرى بالقول إنها وشقيقاتها تمكن من الالتحاق بالجامعات للدراسة، ويقمن بعملهن في المنزل، ورغم ذلك فقد خصصن وقتا محددا لحفظ وتلاوة القرآن بشكل يومي، حتى تمكن من إتمام الحفظ".
أما شقيقتها الحافظة "علاء"، فقد درست في كلية الآداب، لغة إنجليزية، بجامعة تعز.
تقول علاء في حديثها لـ "الصحوة نت" إنه رغم انشغالي بالدراسة وتكاليف الأنشطة، بفضل الله، تغلبت على كل الظروف واستغليتُ أوقات الفراغ لحفظ القران الكريم، حتى نجحتُ في ختمه، وفي نفس الوقت حصلتُ على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية".
وتابعت علاء القول في حديثها لـ "الصحوة نت": بعد أن اتممت الحفظ، بفضل الله، التحقتُ بدراسة القراءات وتعلمت حتى الان أربع قراءات"، "الامام نافع، وبن كثير، والامام عاصم، والامام حمزة"، كما تعمل "علاء" موجهة لحلقات القران الكريم في جمعية معاذ".
أما أسماء، فقد حصلت على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، من جامعة تعز، في ذات الوقت تمكنت من إتمام حفظ القرآن الكريم، رغم ضيق الوقت، كما تقول" لكنها خصصت أوقات لدراسة وحفظ القرآن، الكريم.
تتابع أسماء حديثها لـ "الصحوة نت".. بعد ان اكملتُ الدراسة في الجامعة واتمت حفظ القران، بدأت في تعلم القراءات، وأكملت أربع قراءات، ثم التحقت بمركز "حراء" لإتمام القراءات العشر وعلوم القران.
عندما تحدثت "كوثر" فقد عادت بها الذاكرة إلى أيام الطفولة وأن والدها كان حلمه أن يحفظن بناته القرآن الكريم" مستدركة الحديث "عندما كبرنا أصبح حلم والدي حقيقة بفضل الله تعالي".
توفي والد الفتيات، حمود الزغروري، قبل أن يرى هذا الحلم والنور حقيقة في منزله.
تقول كوثر " كنا نرى مسابقات القرآن على شاشة التلفزيون، كنا نتشوق ونتطلع الى حفظ القرآن الكريم حتى جاءت حلقات الجمعية في المساجد القريبة وكانت أعظم فرصة لتحقيق ذلك الحلم".
واكدت أن الفضل بعد الله يعود لوالدهن، الذي سعى معهن وكان الداعم الاساسي والمشجع، وكان يتابعنا ويشجعنا باستمرار رغم كل انشغاله ويسأل عند تقدمنا في الحفظ، مختتمة حديثها بالدعاء له بالرحمة.
وتعليقا على قصة هذه الأسرة النموذجية، عبّر، محمد عبده هزبر، أحد قيادة جمعية معاذ لخدمة القرآن الكريم بمدينة تعز، عن اعجابه بهذه الاسرة المثابرة.
وقال هزبر: "إن هذه الحلقات القرآنية فتحت شهية الجميع للتنافس والحصول على الخيرية، وليس أدل على هذا من أسرة حمود الزغروري، يوم أقبلت على القرآن بكامل قوامها تغترف وتتشرف بحفظه حتى أتمت".
وتابع القول: لقد أوصلت هذه الأسرة القرآنية رسالتها باختصار إلى كل متفرج ومنتظر ومرتقب، كما برهنت هذه الأسرة عمليا أن القرآن لم يكن عائقا أمام حفظه والحصول على التميَّز في التخصصات العلمية والأدبية، ولم يكن كذلك عائقا أمام الأم المربية في بيتها أيضا.
وأشار هزبر إلى الدور الريادي لجمعية معاذ منذ النشأة الأولى في خدمة القرآن والسنة النبوية، وخرجت آلاف الطلاب، من خلال الحلقات القرآنية، الذين جعلوا القرآن دليلا وقائدا، رغم الظروف التي يمر بها الجميع، إلا أن التوفيق وحسن الإدارة حالف أهل القرآن.
كما دعا هزبر، إلى دعم مثل هذه المحاضن التربوية، التي تعمل على تحصين النشأ من الأفكار الهدامة والمحبطة التي تستهدف الشباب من النوعين، إضافة إلى ان هذه المحاضن تعمل على تقليل مساحات الشر، وتوسيع مساحات الخير في أوساط المجتمع.
في حديثها لم تغفل "كوثر" دور والدتها التي قالت إنها سخّرت كل وقتها لتشجيعهن على حفظ القرآن الكريم، وتوفير بيئة هادئة، رغم أنها غير متعلمة وغير حافظة.
كما خصصت وقتاً يومياً لتلاوة القرآن معهن، والاستماع وتقديم النصائح والتوجيهات، وتشجيعهن وتقديم مكافآت تحفيزية عند تحقيق أي تقدم في الحفظ".
ورغم كبر سنها، تمكنت الحاجة مريم بجهود مستمرة في تحقيق هدفها المرسوم المتمثل في اكمال بناتها حفظ القرآن الكريم، وهو إنجاز يستحق الفخر ويعكس مدى تأثير الأم في حياة الأبناء، حسب قولها.
هذه القصص تبرز أن الإرادة والتنظيم الجيد للوقت يمكن أن يساعدان أي شخص في تحقيق أهدافه الروحية، حتى في ظل الانشغالات الحياتية المتنوعة.