صبيحة يوم الثالث عشر من سبتمبر من عام 1990م كان اليمن على موعد مع بزوغ كوكب دريٌ سطع نوره في سماء العاصمة صنعاء ما لبث أن أصبح شمساً تغمر بضيائها كل شبر من أرض الوطن .
كانت حضرموت سباقة حين أخذت من نوره قبس تلألأ كأجمل مايكون نوراً وبهاءاً فازدانت به المدن الرئيسية في الساحل والوادي على حدٍ سوى.
لقد جاء الإصلاح على حين فاقة واستفاقة من أرض تشربت مبادئه من قبل أن تسمع عنه أو تراه فجاء وكأنه في موعد معها قد سبق وأن حجز له في قلوب أهلها مكانه. فاصطفت كوكبة من خيرة رجال حضرموت ساحلٍ ووادٍ في استقباله والترحيب به والانظمام إلى رحابه. وممن تقدم الصفوف من مدينة المكلا العريقة عاصمة المحافظة فضيلة الشيخ القاضي عبدالرحمن بكير،والعلامة السيد عبدالله بن محفوظ الحداد والأستاذ التربوي القدير عمر بن عوض باني والمهندس محسن علي باصرة وغيرهم الكثير والكثير ، ومن مدينة العلم والنضال غيل باوزير الشيخ الداعية المجاهد عوض محمد بانجار، ومن مدينة المساجد والمآذن ، أرض العلم والعلماء تريم الشيخ العلامة علي سالم بكيٌر ، وغيرهم الكثير والكثير من رموز حضرموت وكوادرها وأكاديمييها وطلابها وشبابها ونسائها.
لقد استقبل الحضارم مولد الإصلاح وكأنه ابنهم الذي لطالما نسجوا فكرته الاولى، فقد جاء ملبياً لتطلعاتهم وأشواقهم المؤجلة التي طالما خالطت شغاف قلوبهم منذ زمن طويل. كيف لا وهم قد عانوا طيلة عقود من غربة الفكر الدخيل عليهم وعلى معتقداتهم وتربيتهم الأصيلة.
نزل الاصلاح بساحتهم وكأنه غيث قد جاء ليحيي مواتاً ينتظر من ربه ساعة الخلاص. فكانت كما أرادوا، فكانوا لها كما ينبغي أن يكونوا.
فما زلت أتذكر كيف كانت مهرجانات الإشهار حاشدة ومهيبة اكتضت بها شوار المدن وفي مقدمتها مدينة المكلا العتيقة.
وما زلت أتذكر مواقف الناس في حضرموت ومع كل استحقاق سياسي كيف كان الاصلاح هو خيارهم الأفضل خصوصاً في المدن الرئيسية كالمكلا وسيئون والشحر وتريم والغيل والقطن وباقي التجمعات الكبيرة بما يعكس النضج الكبير الذي كان يتحلى به الحضارم تجاه هذا الحزب السياسي الأصيل .
لم يكن الإصلاح إلا وفياً تجاه هذه الجماهير فكان يبادلهم الوفاء بالوفاء والموقف بالموقف فترك له بصمات كبيرة وواضحة من خلال رموزه الذين كانوا في مستوى هذه الثقة ففي كل دائرة انتخابية نيابية أو محلية فاز فيها الاصلاح كانت لممثلي الشعب من مرشحي الإصلاح بصمات لا يتجاهلها الا متحامل أو جاهل، فمن لا يتذكر فقيد الوطن رائد التغيير ورمز النضال السلمي والنزاهة والقيم السياسي المخضرم والبرلماني العظيم المهندس فيصل بن شملان تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته، ومن لا يعرف صوت الشعب المجلجل تحت قبة البرلمان الدكتور عبدالرحمن عبدالقادر بأفضل عليه رحمه الله تعالى ومواقفه القوية الصادحة بما يلبي تطلعات المواطنين، ومن ذا الذي يتجاهل مواقف البرلماني المخضرم المهندس محسن علي باصرة حبيب الجماهير القريب من قلوب الناس وماله من بصمات في خدمة كل محتاج.
الكلام يطول عن الاصلاح في حضرموت ورموزه وما ذكرناه إنما خواطر عابرة لا تفي الا بما جادت به الذاكرة حين كتابة هذه الأسطر القليلة، وهي بمثابة بعض خطوط عريضة تحتها تفصيلات كثيرة يعجز المرء عن الإلمام بها والإحاطة بجوانبها المختلفة.