استمرار لمسلسل جرائمها التي لا تتوقف، بدأت مليشيا الكهنوت الحوثي الإرهابية حملات واسعة وممنهجة بحق من يعارضها من اليمنيين في الواقع، أو على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بتهمة جاهزة ومعلبة، تحت مزاعم الصهينة والعمالة والخيانة وغيرها من التهم والشماعات الحوثية المستهلكة.
وارتفعت وتيرة الحملات الحوثية المسعورة في صهينة الخصوم بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، وذلك بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي تحاول المليشيا الحوثية استغلالها سياسيًا ودعائيًا.
وتستخدم المليشيا الحوثية شماعة "الصهيونية" كعصًا تقمع بها المعارضين لسياساتها، وتجعل منها حُجَّةً لاعتقال واختطاف الناشطين والتربويين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، كما تستثمرها لاستهداف المخالفين على مواقع التواصل الاجتماعي.
غطاء للاختطافات
منذ عدة أسابيع، تشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الكهنوت الحوثي حملة اختطافات متصاعدة تشنها الأجهزة الأمنية التابعة للمليشيا الحوثية، تحت غطاء التبعية الصهيونية والتجسس والتخابر مع أمريكا وإسرائيل.
طالت الاعتقالات الحوثية عدد كبير من موظفي المنظمات الإغاثية والحقوقية ومنظمات المجتمع المدني في اليمن، ما دفع الكثير منها إلى وقف أنشطتها الإغاثية ومغادرة البلاد.
في السياق نفسه، شنت المليشيا الحوثية حملة اختطافات واسعة في أيلول/سبتمبر الماضي، بالتزامن مع استعداد اليمنيين للاحتفال بذكرى ثورة 26سبتمبر، طالت مئات المواطنين من الكُتَّاب والناشطين والصحفيين والأطفال والنساء في جميع المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وقالت أسرة أحد المختطفين في محافظة ذمار إن قيادات المليشيا الحوثية في المحافظة كانت قد أبلغتهم بأن مسألة الاختطافات هي مجرد إجراء أمني احترازي، وأعطتهم وعودًا بأن جميع المعتقلين على خلفية احتفالات سبتمبر سيتم الإفراج عنهم بعد مرور عشرة أيام على ذكرى الثورة.
وأضافت أسرة المختطف لـ"الصحوة نت" بأن الأجهزة الأمنية التابعة للمليشيات رفضت السماح لأهالي المختطفين بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم، ليتفاجؤوا بعد مرور 15يوم أنه تم نقل المعتقلين إلى أحد السجون في العاصمة صنعاء.
وأشارت الأسرة إلى أن المليشيا الحوثية ألصقت تهم التخابر والتخادم مع إسرائيل وأمريكا إلى ملفات المعتقلين بسبب احتفالات ثورة سبتمبر، وتنصلت من كافة الوعود السابقة التي كانت قد قدمتها للأهالي بالإفراج عن أبنائهم.
تشويه الخصوم
لا يختلف الحال كثيرًا على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنشط القيادات الحوثية على القنوات الفضائية ومواقع التواصل لتصنيف اليمنيين كيفما تشاء، وتوزيع تهم الصهيونية على من تشاء من المخالفين.
وتقوم عشرات الحسابات الإلكترونية التابعة لقيادات في مليشيا الحوثي بحملات واسعة لمهاجمة ناشطين وصحفيين ومسؤولين يمنيين واتهامهم بالصهيونية والعمالة، وذلك فقط لمجرد حديثهم عن انتهاكات الحوثي داخل اليمن، وهو ما اعتبره ناشطون استغلالًا حوثيًا واضحًا للقضية الفلسطينية.
كان آخرها قيام الحوثي "عبد العظيم عزالدين" بنشر تغريدة على حسابه في منصة إكس قبل أيام، ينعت فيها وبشكل صريح الإعلامي اليمني "محمد الظبياني" بالصهيوني، ويتهمه بأنه يتبنى الخطاب الصهيوني في برنامجه على قناة سهيل الفضائية.
يذكر بأن هذا الاتهام الحوثي جاء على خلفية نشر الإعلامي "الظبياني" لتغريدات تكشف انتهاكات مليشيا الحوثي بحق المجتمع اليمني وتفضح جرائمه. وقد لاقت تغريدة "عزالدين" ردود فعل غاضبة من قبل الناشطين اليمنيين، والذين أبدوا تضامنهم مع "الظبياني" وكافة الناشطين الأحرار في وجه مثل هذه الحملات الحوثية المسعورة.
ويقول الصحفي "أسامة عفيف" إن مليشيا الحوثي تستغل شماعة تهمة "الصهيونية" في مهاجمة خصومها، لإدراكها التام بمدى ثقل وحساسية هذه التهمة على المتلقي اليمني الذي يرفض قطعًا كل ما يمس قضيته المركزية فلسطين، وكل المفردات التي تشير بتطبيع العلاقات مع الكيان المحتل.
ويضيف "عفيف" في تصريح لـ"الصحوة نت" أن مثل هذه الحملات هي محاولة لتشويه صورة المعارضين في المناطق الشرعية لدى الشعب اليمني، وعادة ما يقف خلفها ذباب الكهنوت الإلكتروني (مصطلح يشير للحسابات الوهمية) على مواقع التواصل، ولا سيما على منصة إكس.
ويشير إلى أن تشويه الخصوم بمثل هكذا شماعات مستهلكة هو ليس بالأمر الجديد بالنسبة لسياسة الكهنوت وأخلاقياته، فهو يمارس الأسلوب ذاته منذ انقلابه على السلطة ودخوله صنعاء، معلنًا جميع معارضيه بالتكفيريين والمرتزقة والعملاء.
تضليل الرأي العام
من جهته، يشير الكاتب والسياسي "عادل الشجاع" إلى أنه دائما ما تبحث السلطة أو الجماعات عن تهمة تلصقها بخصومها لكي تضعفهم وتقصيهم خوفا من أن يشكلوا تهديدا لسلطتها.
ويقول "الشجاع" في تصريح لـ"الصحوة نت" إن ما تقوم به جماعة الحوثي من إلصاق التهم بالمعارضين لها يهدف إلى إقصائهم وشرعنة إيذائهم، فبالأمس كانت تتهم المعارضين لها بأنهم دواعش ولما انتهت داعش اتهمتهم بأنهم مع العدوان.
ويضيف "ثم حينما دخلت المليشيا في هدنة مع السعودية انتقلت إلى اتهامهم بالصهينة، خاصة وأن هناك حرب تدار على غزة ومجازر ترتكب بحق الفلسطينيين، فلابد من ركوب هذه الموجة لإضعاف الخصوم وتحريض الشارع عليهم".
ويلفت "الشجاع" إلى أن استخدام مليشيا الحوثي لهذه التهم يمكنها من الزج بخصومها في السجون أو حتى تصفيتهم وتضليل الرأي العام وحشده خلف معركة وهمية وصرف الأنظار عن الجرائم التي تقوم بها في حق الشعب اليمني وتكميم الأفواه والتصرف بدون أي محاسبة، فتهمة الصهيونية كافية لإسكات الخصوم والتصرف بدون مساءلة.
تنصل عن المسؤولية
بدوره يرى الناشط الإعلامي "هارون عبدالخالق" أن مليشيا الحوثي الإرهابية تستخدم فكرة "الصهيونية" كتهمة منبوذة يجرمها اليوم كل إنسان سوي ونبيل في كل أقطار العالم لتلصقها بكل من يعارض أفكارها الدخيلة على المجتمع أو سلوكياتها الاجرامية بحق شعب بأكمله.
ويقول "عبدالخالق" في تصريح لـ"الصحوة نت" إن الهدف من كل هذه الممارسات هو تنصل الجماعة عن مسؤولياتها تجاه الشعب اليمني في نطاق سيطرتها، وذلك من خلال خلق حالة حرب مستمرة، لا سيما وأنها تمنع الراتب وتنهب الموارد وتصادر الحقوق وتنتهك حرمات المواطنين وممتلكاتهم.
ويشير إلى أن المليشيا كلما وجدت أمامها من يقف بوجهها أو يثور على جرائمها المتكررة وممارساتها اللاأخلاقية أطلقت عليه تهمة الصهيونية والعمالة، تمهيدًا لتغييبه في زنازينها وقمعه وتعذيبه، فضلًا عن قتله وتفجير منزله واستباحة دمه وعرضه دون وجه حق، في سابقة لم يعشها اليمني أو يصادفها منذ بزغ فجر الجمهورية لعقود من الزمان.