بالدموع والغضب، تلقى أصدقاء وأسرة مدير عام التعليم الأساسي والثانوي بوزارة التربية والتعليم التربوي الخمسيني "محمد ناجي خماش"، خبر تصفيته في سجون مليشيا الحوثي بصنعاء بعد 5 أشهر من اختطافه.
وفي 6 يونيو/ حزيران الماضي اختطف الحوثيون "خماش" في سجن الأمن والمخابرات بصنعاء، في جريمة هزت الوسط التربوي وأثارت سخطاً في وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل زملائه وطلابه ضمن مسلسل الجرائم المستمرة للحوثيين في مناطق سيطرتهم.
التربوي خماش كان ضمن عشرات الآلاف من التربويين الذين قطعت مليشيا الحوثي مرتباتهم منذ سيطرتها المسلحة على مؤسسات الدولة ونهبها للإيرادات، ثم ضيقت عليهم ولاحقتهم، فاختطفت وعذبت المئات منهم.
وخلال السنوات الماضية تم تصفية المئات في سجون ميلشيات الحوثي، تحت مضاعفات التعذيب، ومع كل موجة اختطافات تمارسها الميلشيات يثار الرعب في وسط السكان بسبب الجريمة البشعة التي تمارس ضد المختطفين سواء كانوا خصومهم أو مواطنين ينتقدون الجماعة.
جريمة تصفية التربوي "خماش"
اختطفت مليشيا الحوثي التربوي "خماش" من منزله بصنعاء في يونيو/ حزيران 2024 بسبب خلافات سابقة قبل 19 عاماً حدثت بينه وبين تربويين موالين لميلشيات الحوثي في صعدة آنذاك، وفق ما تحدثت مصادر مقربة من أسرته.
وأفادت المصادر لـ"الصحوة نت"، أن اختطافه أثار قلق أسرته ودفعهم للبحث عنه في كل مكان يمكن ان يكون مخفيا ولكن بدون جدوى، إلى حين اتصل بهم شخص من ميلشيات الحوثي، عرف نفسه انه من جهاز الأمن والمخابرات بوفاة التربوي خماش.
وقالت: "جهاز الأمن الحوثي اتصل بهم في ساعات الصباح الأولى الأسبوع الماضي وطلب منهم الحضور لاستلام جثة الاستاذ الذي توفي - حسب زعمهم- بأزمة قلبية"، لكن مصدر مقرب من أسرته أكد "عن وجود أثار واضحة للتعذيب الجسدي في جثة الضحية ما يدل بوضوح على سبب الوفاة الحقيقي".
وحسبما أفاد المصدر "فإن التواصل مع الضحية لم يكن مسموحا طوال فترة اعتقاله التي امتدت نحو خمسة اشهر، لكن أسرة الضحية كانت تعرف أن والدهم مختطف في سجن الأمن السياسي بسبب معلومات حصلوا عليها من مصادر حوثية مقابل مبالغ كبيرة من المال".
وعن ظروف الاعتقال أكد المصدر "على أن الاختطاف تم في السابعة من صباح السادس من يونيو من العام الجاري 2024 عن طريق عشرة مسلحين يتبعون ميلشيات الحوثي اقتحموا المنزل وعبثوا بمحتوياته".
جريمة بشعة
يقول "محمد" – أحد أصدقاء التربوي خماش – "لا رحمة ولا إنسانية في الميلشيات عندما تمارس الجريمة ضد تربوي خمسيني بهذه البشاعة، انا تلقيت الخبر ولم أصدق أن تنتهي حياة الأستاذ خماش بهذه السهولة".
وأضاف لـ"الصحوة نت"، كان خماش سمحا في الرأي متقبلا للأخرين، مهما كان رأي الآخرين، وكان مرعبا خبر وفاته وأتساءل هنا كيف وصل حال البلد في ان يموت تربوي فاضل على يد ميلشيات من لا تستحق الحياة".
وتابع: " الاستاذ محمد خماش كانت له إسهامات تربوية وتعليمية بارزة قل لها نظير، وله جهوده الصادقة والحثيثة خلال سنوات عمله في المجال التربوي والتعليمي".
تصفية متعمدة
إلى ذلك، أدان عضو نقابة المعلمين بتعز طارق المحمدي" بشدة جريمة تصفية التربوي الخماش التي وصفها بالبربرية والجبانة، لافتا إلى أن هذه ليست الجريمة الأولى بحق التربويين والمعلمين حيث سبق وأن تمت تصفية عشرات المعلمين في سجون ميليشيا الحوثي جراء التعذيب والاهمال المتعمد.
وأعرب المحمدي عن مخاوفه، من استمرار الانتهاكات بحق التربويين مطالبا كافة المنظمات الحقوقية بالتدخل لوقف حقد الحوثيين على التربويين ووضع حد للمآسي التي تستهدف حملة مشاعل التنوير.
ودعا لمعاقبة المتورطين في جرائم استهداف المعلمين بحسب الصفحه القوانين والمواثيق المحلية والدولية، كون هذه الجرائم تعد انتهاكا واضحا للإعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقية مناهضة التعذيب ومبادئ الاحتجاز في القانون الدولي.
وقال المحمدي "ان نقابة المعلمين وثقت اعتقال 1051 معلمًا من قبل مليشيات الحوثي خلال السنوات العشر الماضية، قتل منهم 160 بالإضافة الى 195 جريحا بسبب التعذيب".
سجل الحوثيين البشع
جريمة تصفية التربوي "خماش" تضاف الى جرائم أخرى مماثلة أبرزها جريمة تصفية مدير عام التدريب بوزارة التربية والتعليم الاستاذ صبري عبدالله الحكيمي، الذي فارق الحياة في مارس من العام الجاري في سجون الحوثيين بعد 6 أشهر من اختطافه.
وكذلك جريمة تصفية مدير ادارة التعليم في مكتب التربية بمحافظة صعدة، مجلي فرحان جراء التعذيب في سجون الحوثي بعد عامين من اختطافه من منزله.
ورصد مركز حقوقي، وجود ما يقارب من 1000 معلم مختطف ومحتجز قسراً لدى جماعة الحوثي، وبحسب تقرير حديث عن "مركز ألف لحماية التعليم" صدر بمناسبة اليوم العالمي للمعلم.
وقال التقرير "أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية"، وناشد المركز في تقريره كافة الجهات المعنية بالتدخل ضمان حماية المعلمين من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.