الكراسي حالات و قامات !

الكراسي حالات و قامات !

 

    لا تريد هذه السطور تناول هذا العنوان بصورة سياسية بحتة، لكن الانتخابات التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية، و قبلها في بلدين عربيين، ولدت تساؤلا عما إذا كان هناك شبه بين التسابق على الكراسي لدى الكبار ، و ما هو موجود لدى الصغار في لعبتهم المشهورة.

 

   من باب التأكيد الحديث هنا لن يكون سياسيا بقدر ما هو نوع من المزاح، أو المداعبة ليس إلا ؛ لأن الكتابة في السياسة، ستُلزمك الحديث عن واقع يعيشه الوطــــــن أو تعيشه الأمة، و في هذا كن حذرا، و في ذاك خطوط حمراء، و فيما العالم كله مشدود إلى طوفان الأقصى، و إلى أبطال الطوفان، فإن مواقف الرجولة ستغريك للحديث عن الطوفان، و أبطال الطوفان، و مواقف النخب، و أهل الكراسي، و هذا قد يقود المرء إلى أن يتجاوز خطوطا حمراء ؛ و لذلك من المهم أن يلجأ الإنسان ــ أحيانا ــ إلى جو من التسلية و المرح.

 

  و لكن .. الوقت ليس وقت التسـالي و الطُّـرَف، و أيـام الجـد و الشدة لا تحتمل الهزل، و لا يليق معها الضحك، فالوضع المعيشي للناس، و تدهور قيمة الريال، إلى جانب القضية الأهم ؛ قضية فلسطين، أو كما يسميها علية القوم : قضية العرب الأولى؛ و قد بلغ الاهتمام لديهم عقد قمة ،  كل ذلك يوجب الحديث عما يهم الوطن و يهم الأمة.

 

   مع كل ذلك لا يمنع من أن يُروِّح الإنسان عن نفسه بشيئ من مرح و هزل ، و قد قال الشاعر:

 

    لا بد من هزل النفوس فجدها تعب

    و بعض  مزاحهــــا  استجمــام

 

    أما لماذا اختيار لعبة الكراسي،فقد قلنا آنفا؛ إنما أوحت بها الانتخابات الأمريكية، و ما جرى قبلها في بلدين عربيين من انتخابات رئاسية، فاز فيها رئيسان بنسبة 100%  إلا قليلا !

 ثم إن لعبة الكراسي يلعبها الأطفال، أو الصغار، و يلعبها كثيرا الكبار، أو حتى دول !

 

    معذرة،فقد اتفقنا على عدم الاقتراب من الخطوط الحمراء، فلنعد للعبة الكراسي عند الصغار، حيث يضع الأطفال سبعة من الكراسي.. مثلا ؛ و يجري حولها ثمانية أطفال، و ينظم اللعبة طفل تاسع، فيظل الثمانية يجرون جريا خفيفا من وراء الكراسي التي توضع بشكل دائري، ثم يطلق منظم اللعبة الصفارة فيتسابق الثمانية للجلوس، فيجلس سبعة، و يبقى الثامن بلا كرسي. و تستمر اللعبة بخروج الثامن و كرسي ليبقى سبعة أطفال و ستة من الكراسي.. و هكذا.

 

   هي لعبة ممتعة عند الصغار ، لا فيها تزوير ، و لا مصادرة.

 

   الكراسي كما يعرفها الجميع أنواع متنوعة ؛ فهناك كراسي طلاب المدارس ؛ و هي ــ ربما ــ أكـثر الكـــــــــراسي بــراءة ، و حيــوية و نشاطا، و شغبا و مزاحا ، حيث تكون للجد وقتـا، و للهزل تارة، و قد يقعد عليها المثابر المجتهد ، و أخرى عليها المهمل العابث.

 

   و هناك كرسي الشموخ، و هو كرسي الأستاذ و الأستاذية، أو العالم الفقيه الـورع، أو الدكتور المحـــاضر، أو المعـلم المثابر ، و هي كراسي عطاء و شــــــموخ بقدر عبقرية و نقـــاء و جدية الأستــاذ و الفقيـه، و الدكتور و المعلم أو المعلمة.  و لكن لا يعني هذا أنهم جميعا أطهـار و فاعلـون ، و مثابرون، و سقوط مثل هؤلاء يكون سقوطا مدويا !

 

   تتذكرون ــ مثــلا ــ خيبــــــة، و سـذاجة ذلك الذي قـال :  يا أبا عبيدة جاهد بالسنن ؟! و فقّاسات التمويل، أو التفريخ على شاكلته أظهرت أشكالا مصنوعة من هذا النوع لم تكن معهودة.

 

   دعونا من الاستدراج نحو الحديث في السياسة.

 

   من أنواع  الكراسي أيضا كرسي القضاء، و هذا كرسي شأنه عظيم لارتباطه بإقامة العدل، و صيانة الحقوق ، و هو كرسي عظيم الشأن ما استقام من يتربع عليه.

 

   هناك كرسيان يطأطئ فيها رؤوسهم من يجلس عليها ! أما الكرسي الأول فهو كرسي الحلاقة، حيث يسلم المرء رأسه للحلاق راضيا مستسلما ، إذ يطأطئ رأسه للحلاق يقلبه كيف يريد، و يوجهه كيف يشاء، و هو لا يشعر بضيق  مما يقوم به الحلاق أو غضاضة،بل يستسلم برضى تام.

 

   أما الكرسي الثاني من هذا النوع فهو كرسي الحكم، و من يجلس عليها أنواع  من الناس، و قد عرف التاريخ نمــاذج فريـدة من الحــــاكمين، سجـل لهم التاريخ صفحـات، و فصولا من الرفعة و العظمة،و الشموخ.

   و لكن في المقابل، هناك من يجلس على ذلك الكرسي متبخترا مسرورا، أو مزدهيا، و هو في الحقيقة مطأطئ الرأس خامل الهمة، أو مستسلم الرأس ... للحلاق!

 

    كل من يجلس على كرسي الحكم في العالم لا بد و أنه لا ينجو من أن يطأطئ رأسه، إلا أنهم يتفاوتون، فمنهم من يغالب الظروف و المؤثرات، و منهم من يجاري بعض الوقت ليتجاوز المأزق، و منهم من يقاوم تارة و يخضع تارة،أو تارات.. و لكن أسوأهم من يلقي برأسه على صدره مطئطئا على الدوام.

 

   في أمريكا حدث تنافس شديد في لعبة الكراسي؛ و رغم ما يظهره من يفوز بالرئاسةبالقوة و الاعتزاز بالنفس ؛ لكنه لا ينجو من أن يطأطئ رأسه، فترامب و غيره ممن سبقه يفعل ذلك أمام ضغوط ذلك اللوبي اللعين، الذي طأطأ له بايدن رأسه حد إسقاط كل ما كان يدعيه من مبــادئ عن حقوق الإنســان، و الأطفال، و المرأة.. الخ. فإذا به ينسف كل تلك الحقوق تلبية لعصابات ذلك الكيان اللقيط.

 

    دعونا ـ في الختام ـ نقول شيئا في السياسة : إن رجال الطوفان هم أعظم من يرفعون رؤوسهم، و أمامهم طأطأت رؤوس ، و خارت نفوس، و سقط أدعياء.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى