نهب وسطو وتغيير ديمغرافي.. الحديدة في مرمى الإرهاب الحوثي

نهب وسطو وتغيير ديمغرافي.. الحديدة في مرمى الإرهاب الحوثي

 

شهدت محافظة الحديدة الساحلية، خلال الخمس السنوات الأخيرة، واحدة من أكبر عمليات التجريف السلالي التي نفذتها مليشيا الحوثي ضد الأرض والإنسان في منطقة تهامة، شمال غربي البلاد.

 

عقب توقف الحرب وانسحاب القوات الحكومية من على مشارف مدينة الحديدة في أواخر العام 2021م، عززت مليشيا الحوثي وجودها العسكري وقبضتها اﻷمنية في الحديدة بشكل كبير، وهو ما جعلها ملاذًا آمنًا لتحركات القيادات الحوثية واستثماراتها.

 

وفي ظل تماهٍ كامل من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ارتكبت مليشيا الحوثي انتهاكات لا تحصى في مدينة الحديدة، بدءًا من الاستيلاء على الأراضي والعقارات، مرورًا باستهداف القطاع الخاص والتنكيل به، وصولًا إلى بناء قطاع استثماري خاص بالسلالة، وتغيير ملامح بُنية المدينة في كل الجوانب.

 

يسلط هذا التقرير الضوء على التغييرات الجذرية في البنية الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها محافظة الحديدة إزاء التجريف السلالي الحاصل منذ إعلان اتفاق ستوكهولم وتوقف الحرب في 13ديسمبر العام 2018م حتى اليوم.

 

- استيطان سلالي:

مصادر محلية كشفت عن قدوم مئات من قيادات ومشرفي المليشيا الحوثية من محافظات "صعدة وعمران وصنعاء وذمار" إلى محافظة الحديدة خلال الخمس السنوات الماضية، وبسطهم بقوة الحديد والنار على مساحات شاسعة من الأراضي والمزارع التابعة للمواطنين والدولة في مناطق مختلفة من أرياف المحافظة.

 

وفي داخل المدينة، قالت المصادر لـ "الصحوة نت" إن قيادات المليشيا استولت على عشرات العمائر والفلل التي نزح منها الأهالي أثناء الحرب الأخيرة، لتقوم لاحقًا بشرائها منهم بأسعار زهيدة، مستغلة في ذلك ظروف الحرب وحاجة الأهالي إلى المال حينها في شراء مساكن جديدة تأويهم.

 

وأضافت بأن قيادات المليشيا تستهدف المناطق الأكثر رقيًا داخل مدينة الحديدة، حيث تتركز التجمعات السكنية للمليشيا في حي الربصة وشارع الميناء والحمدي والحي التجاري والخمسين، بالإضافة إلى شارع 7يوليو والحواري الغربية منه، والذي يعتبر المعقل الرئيسي للقيادات العسكرية للمليشيات في المدينة.

 

يأتي هذا التوسع السلالي في امتلاك العقارات داخل مدينة الحديدة بالتزامن مع اكتظاظ سكاني كبير تشهده شوارع "جمال والمعدل والدهمية وغليل وغيرهم" في ظل عجز المواطنين عن التوسع العمراني نظرًا لارتفاع أسعار العقارات في الشوارع والمناطق التي تتواجد فيها قيادات السلالة.

 

- تدمير القطاع الخاص:

استهدفت مليشيا الحوثي الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص في مدينة الحديدة، وعملت على محاصرتها والتضييق عليها بشكل ممنهج عبر خطوات وطرائق مختلفة، مستغلة في ذلك نفوذها وسلطتها كجماعة منقلبة على الدولة.

 

مصدر طبي أكد لـ "الصحوة نت" أن مليشيا الحوثي قامت بفرض قياديين سلاليين كمدراء أو ضمن مجلس الإدارة للمستشفيات الخاصة في المدينة، يصدرون الأوامر ويستفردون بالقرارات ويتحكمون بالقطاع الصحي في المدينة بشكل كامل.

 

وأوضح المصدر بأن الوضع ذاته تعيشه كل المؤسسات والشركات والقطاعات الخاصة وليس المستشفيات فحسب، حيث تفرض قيادات المليشيا نفسها بالقوة والترهيب في إدارة أي مؤسسة أو شركة مقابل عدم عرقلة أنشطتها وعملها.

 

وتسببت الانتهاكات الحوثية، خلال السنوات الماضية، بحق القطاع الخاص في مدينة الحديدة في انهيار وإفلاس عشرات من المؤسسات التجارية والصناعية والمصرفية.

 

وفيما يتعلق بالمؤسسات والشركات والقطاعات التي لا تزال صامدة أمام انتهاكات المليشيا في المدينة، فهي إما مملوكة وتابعة لقيادات حوثية رفيعة أو تقوم بمجاراة سياسات المليشيا عبر دفعها الجبايات والإتاوات والضرائب لقيادات ومشرفي المليشيات. بحسب المصدر.

 

- بناء قطاع سلالي موازي:

على أنقاض الشركات والمصانع والمؤسسات المفلسة، برز تنافس بين قيادات مليشيا الحوثي في تأسيس وإنشاء مؤسسات وشركات بديلة، حيث شهدت مدينة الحديدة خلال الخمس سنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في نسبة الاستثمارات التجارية لقيادات ومشرفي المليشيا.

 

وتشمل استثمارات السلالة الحوثية في مدينة الحديدة كافة مجالات القطاع الخاص، الصحي والسياحي والتجاري والزراعي، حيث تمتلك قيادات في المليشيا الحوثية عشرات الفنادق والمصانع والمتاجر ومحطات النفط وشركات الكهرباء التجاري ومكاتب بيع وشراء العقارات.

 

كما وصل الاستثمار السلالي في محافظة الحديدة إلى قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، والذي يعتمد عليه ما يقارب 80% من أبناء تهامة في عملهم وتحصيل لقمة عيشهم، ولا سيما أبناء المديريات الريفية.

 

- تعميق معاناة المواطنين:

المواطن (ع . ح)، أحد المزارعين في محافظة الحديدة، ظل معتمدًا طيلة عشرين عامًا في كسب لقمة عيشه على تربيته للمواشي في الأراضي الزراعية التي يمتلكها، ثم يقوم باستخراج الحليب وبيعه لمصانع الألبان والأغذية القريبة من منطقته.

 

يقول (ع . ح)، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إنه كان يمتلك ما يقارب 50 من البقر والإبل في السابق، وهو عدد كافٍ للحصول على مبلغ محترم يتحصل عليه يوميًا من مصنع "يماني" في منطقة كيلو16 نظير كميات الحليب التي يبيعها للمصنع، لكن الحال قد تغير منذ خمسة أعوام.

 

ويضيف لـ "الصحوة نت" بأن قيادات في مليشيا الحوثي وفدت من محافظتي صعدة وعمران وبسطت على عشرات الأراضي الزراعية في تهامة، وقامت باستيراد آلاف المواشي من دول أفريقية، وهو ما مكنها من توفير الحليب والألبان بأسعار زهيدة إلى المصانع.

 

ويوضح المُزارِع أن دخول مشرفي المليشيا في الاستثمار الزراعي والحيواني بهذه الطريقة هو عمل غير أخلاقي ومخالف للقانون، من حيث نهبهم وبسطهم على الأراضي بالقوة والنفوذ، وكذلك استيرادهم أعداد مهولة للمواشي الخارجية وهو ما يخالف قوانين الاستيراد والتصدير.

 

ويشير إلى أن هذه المنافسة غير المتكافئة قد دفعت بعشرات المزارعين من أبناء تهامة إلى بيع عدد كبير من مواشيهم خلال السنوات الماضية، بعد أن توقفت المصانع عن شراء الحليب منهم واكتفائها بالكميات التي تتحصلها من مزارع مشرفي المليشيا بأسعار قليلة.

 

- عسكرة الأحياء السكنية:

في الجانب العسكري، تستمر مليشيا الحوثي الإرهابية في عسكرة مدينة الحديدة والبحر الأحمر من خلال تحويلها الأحياء السكنية البعيدة عن مناطق استثماراتهم داخل المدينة إلى منصات لإطلاق صواريخها وطائراتها المسيرة باتجاه السفن التجارية.

 

وتسببت العمليات الحوثية، خلال الفترة الماضية، في استجلاب تحالف عسكري دولي إلى المياه الإقليمية اليمنية، بالإضافة إلى عدوان صهيوني عنيف استهدف عدة منشئات حيوية في مدينة الحديدة لأكثر من مرة، ومن بينها خزانات النفط في ميناء الحديدة.

 

على جبهة أخرى، شنت مليشيات الحوثي خلال الأيام الماضية حملات عسكرية لإخلاء عدة قرى في أرياف محافظة الحديدة وتهجير السكان بقوة السلاح، من بينها قريتي منظر وجنوب الجراحي، وذلك للشروع في الاستحداث وحفر أنفاق وبناء تحصينات عسكرية في تلك المناطق السكنية.

 

ووفقًا لبيان السلطة المحلية في محافظة الحديدة، فإن سكان تلك القرى باتوا يعيشون في العراء بعد أن هجروا بالقوة من منازلهم ومزارعهم ومصادر عيشهم، في ظل تجاهل وصمت مطبق من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية تجاه هذه الممارسات والانتهاكات السافرة.

 

بدورهم، عبَّر ناشطون وإعلاميون عن سخطهم إزاء عسكرة المليشيا الحوثية لمحافظة الحديدة وسواحلها ، وجعل المدينة عرضة للعدوان والتحالفات الخارجية، واستخدام المدنيين والأعيان المدنية في المحافظة كدروع عسكرية.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى