حاوره: جبر صبر
رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها اليمنيون، إلا أنهم لم ينسوا إخوانهم في غزة، بل بادروا بالدعم والتضامن مع إخوانهم في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع. فأحدهم تبرع بكل ما جمعه لبناء منزل لأسرته، كما تبرعت نساء بكل ما يملكن من ذهب، في صور تجسد أسمى معاني التضحية.
هذا ما أكده رئيس جمعية الأقصى في اليمن، أحمد الرباحي، لـ"الصحوة نت"، مشيراً إلى التضامن اليمني الواسع مع الشعب الفلسطيني في مختلف المراحل، وفي حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة منذ أكثر من عام.
رئيس جمعية الأقصى استعرض في هذا الحوار الخاص مع "الصحوة نت" جوانب من مشاريع المؤسسة العريقة، والتي تمثل قناة دعم وإسناد دائم من الشعب اليمني لإخوانهم الفلسطينيين، متطرقاً لبعض المشاريع المنفذة من الجمعية في قطاع غزة، وقضايا أخرى.
نص الحوار:
- لو تحدثنا عن جرائم الإبادة التي يمارسها الاحتلال في غزة؟
ما حدث ويحدث في غزة منذ حوالي 14 شهراً من جرائم ومجازر وصور إبادة جماعية لم يحدث في أي حرب، وبالذات في ظل سمع العالم وبصره.
فقد ارتكب الاحتلال الصهيوني (3828) مجزرة، استشهد فيها (43,972) شهيداً، وأصيب فيها (104,008) مصاباً. وهناك (11,000) مفقود.
وليس ذلك فحسب، فقد استهدف الاحتلال مقومات الحياة ووسائل إنقاذ الناس، من بينها (276) مستشفى ومؤسسة صحية، و(199) مركز إيواء، و(430,000) وحدة سكنية، و(962) مسجداً، و(470) مدرسة وجامعة، و(36) كنيسة، و(205) مقرات حكومية، و(206) منشآت رياضية.
وخلال الفترة الماضية، استشهد (1054) من الكوادر الطبية، وتم اعتقال (310) أطباء وكوادر صحية.
كما تم استهداف (134) سيارة إسعاف، إضافة إلى استهداف طواقم الدفاع المدني حيث استشهد (86) منهم. كما استشهد (188) صحفياً، و(706) من شرطة تأمين المساعدات.
وهناك أيضاً (35,060) طفلاً يعيشون بدون والديهم، و(12,500) مريض سرطان يواجهون الموت بحاجة للعلاج، و(173,524) مصاباً بأمراض معدية نتيجة النزوح.
-كيف يدمر الاحتلال مقومات الحياة في قطاع غزة؟
يقوم الاحتلال باستهداف الوحدات السكنية والعمارات الممتلئة بالسكان، والمدارس والمراكز التي تؤوي النازحين، والمستشفيات وآبار المياه، ومحطات تحلية المياه، ومخازن المساعدات الإنسانية، فضلاً عن شبكات الصرف الصحي والكهرباء والمياه، والطرقات والشوارع، والمزارع والأشجار.
الاحتلال يطبق سياسة الأرض المحروقة بهدف إفراغ قطاع غزة من سكانه، وهو الهدف النهائي الذي يسعى الاحتلال لتحقيقه إما بالإبادة الجماعية أو التهجير. ولكن هذا لن يتحقق بعون الله تعالى ثم بصمود وثبات الشعب الفلسطيني.
-نسمع في الإعلام عن تعرض مستشفى اليمن السعيد للتدمير.. ممكن توضح لنا ذلك؟
نعم، مستشفى اليمن السعيد الذي تم بناؤه في جباليا شمال قطاع غزة من قبل جمعية الأقصى في الجمهورية اليمنية، وكلف ملايين الدولارات، تم استهدافه أكثر من مرة، وأدى الاستهداف إلى تضرره بشكل متوسط.
ولكن الأضرار الكبيرة لحق بالنازحين الذين كانوا يأوون إلى ساحة المستشفى حيث استشهد وأصيب العشرات منهم.
-أخبرنا عن قصة مشروع مستشفى اليمن السعيد في غزة؟
كما قلت، هذه المستشفى تبنته جمعية الأقصى منذ عام 2010م واكتمل بناؤها في عام 2012م. وقد زرناه في ذلك العام عند دخول قافلة اليمن لفك الحصار عن قطاع غزة في شهر يوليو 2012م. وكان يحتاج إلى تجهيزه بالمعدات والتجهيزات الطبية. أخذ ذلك وقتاً حتى كاد أن يكتمل، إلا أن الحرب العدوانية الأخيرة جاءت لتقضي على ما تم تجهيزه بالاستهداف المتكرر.
-ما أبرز أوجه الدعم الذي يقدمه اليمنيون عبر جمعية الأقصى لأبناء غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر؟
يقدم اليمنيون الدعم لإخوانهم في فلسطين عامة، وقطاع غزة بشكل خاص، في مختلف المجالات، ومنها:
المجال الصحي: يتمثل الدعم في تقديم الحقائب الصحية والأدوية. مؤخراً، تم استئجار إحدى المستشفيات الأهلية في غزة، تحتوي على (50) سريراً لمدة شهرين (على مرحلتين) لإجراء العمليات الجراحية والمعاينة والمبيت.
كما حاولنا إرسال قافلة طبية بالتعاون مع الجمعية الطبية اليمنية الخيرية إلى غزة، ولكن الظروف حالت دون إرسالها حتى الآن، ومازالت المحاولة جارية.
المجال الغذائي: يشمل توفير السلال الغذائية، والوجبات الجاهزة، وتشغيل أفران الخبز.
المجال الإيوائي: يتم تقديم فرش وبطانيات وأغطية، إضافة إلى توزيع الملابس وكسوة الأعياد.
المجال المائي: قمنا بصيانة وإصلاح (4) آبار ارتوازية، وصيانة (3) محطات لتحلية المياه، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب النقية عبر (الوايتات).
المساعدات النقدية: نقوم بتقديم مساعدات نقدية للجرحى والأسر المتضررة، وكفالات الأيتام.
المجال التعليمي: قمنا بإنشاء الخيام التعليمية، حيث تم توفير (20) خيمة كبيرة كفصول دراسية بتجهيزاتها، لاستيعاب (800) طالب وطالبة.
وغيرها من المساعدات التي استفاد منها أكثر من (4,900) أسرة، بواقع (450,966) فرداً. ومازالت مشاريع الجمعية في غزة تتوالى.
-ما مدى تجاوب وتفاعل اليمنيين مع حملات التبرع التي تطلقها الجمعية لدعم غزة؟
الحقيقة أن تجاوب الشعب اليمني مع إخوانه في غزة وفلسطين كان كبيراً، وفاجأنا بذلك الإقبال، لا سيما إذا توفرت الأجواء المناسبة في المحافظات. فقد تفاعل الناس بشكل كبير رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني.
-هل من مواقف لفتت انتباهكم من تفاعل اليمنيين مع غزة رغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه اليمن؟
التفاعل كان كبيراً، وقد وجدنا أن البعض قدم كل ما يملك دعماً لإغاثة غزة. مثلاً، أحد الشباب في مأرب ظل يوفر مبلغاً من المال لبناء مسكن له، وكان قد جمع مبلغ (5) مليون ريال لذلك الغرض. ومع الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو يشاهد الوضع المأساوي لإخواننا في غزة، أتى إلى مقر جمعية الأقصى ودفع المبلغ كاملاً تبرعاً لأبناء غزة.
وحالة أخرى، أحد الأبطال الجنود استلم الإكرامية، وأتى بها كلها ودفعها لصالح إخوانه في غزة. بل إن بعض الأسر تبرعت بأثاث بيتها، وبعض النساء تبرعن بما يملكن من ذهب. وكثيرة هي صور العطاء والتضحية من أجل مساندة إخواننا في غزة.
-هل تواجهون صعوبات في إيصال التبرعات إلى غزة؟
توجد بعض الصعوبات، ولكن نظراً لتاريخ جمعية الأقصى الممتد على مدى ربع قرن، وشبكة العلاقات الواسعة للجمعية مع المنظمات العاملة لفلسطين إقليمياً ودولياً وفلسطينياً، لا تجد الجمعية صعوبات كبيرة في توصيل التبرعات وتنفيذ المشاريع في غزة وفلسطين. لذلك، تجدون تنفيذ المشاريع مستمراً في غزة من قبل جمعية الأقصى في اليمن.
-هل من أنشطة أو فعاليات تقيمها الجمعية في سبيل دعم القضية الفلسطينية؟
نعم، هناك العديد من الأنشطة التي تتبناها جمعية الأقصى ممثلة بفروعها في المحافظات، والتي تستهدف تنفيذ حملات جمع التبرعات لصالح غزة. كما تشارك الجمعية في الفعاليات الجماهيرية العامة التي تصب في مساندة القضية الفلسطينية ودعم وإغاثة أهل غزة.
-ما أبرز المشاريع التي نفذتها الجمعية في قطاع غزة؟
المشاريع التي نفذتها جمعية الأقصى خلال فترة الحرب هي مشاريع مؤقتة، كما الحال في الإغاثة. وبعضها دائمة نوعاً ما، مثل الخيام الطبية. واستمرار دعم المشاريع الدائمة هناك يكلف كثيراً، حيث إن تكلفة المواد الإغاثية باهظة الثمن نتيجة الحرب والحصار والتعقيدات التي يصنعها الاحتلال أمام العمل الإنساني.
-ظهرت مؤخراً مبادرات فردية تقوم بإرسال التبرعات إلى غزة، كيف تعلقون على ذلك؟
المبادرات الفردية التي يقوم بها أفراد أو مجموعات لإرسال تبرعاتهم إلى غزة تمثل مظهراً من مظاهر تفاعل الشعب اليمني مع إخوانهم في فلسطين، وتعتبر دليلاً واضحاً على إمكانية وصول المساعدات إلى غزة رغم الحرب والحصار.
كما أن هذه المبادرات تمثل رداً على من يتساءلون أو يشككون في إمكانية وصول المساعدات إلى غزة في ظل الظروف الراهنة. فإذا كانت التبرعات الفردية تصل إلى غزة، فما بالك بجمعية الأقصى كمؤسسة عريقة ذات علاقات واسعة مع الجهات الحكومية والبلديات الفلسطينية والمنظمات العاملة لفلسطين في كثير من الدول.
-رسالة أخيرة تود طرحها؟
ختاماً، أجد نفسي مضطراً لدعوة جميع الأخوة اليمنيين المتفاعلين في دعم إخوانهم في غزة إلى توصيل تبرعاتهم عبر جمعية الأقصى، كونها الطريق الآمن والمؤسسة التي تتعامل مع جهات تعاملاً مؤسسياً وليس فردياً. ذلك لأن الطرق الفردية محفوفة بالمخاطر أحياناً وقد تكون غير آمنة.
أما التبرعات عبر جمعية الأقصى، فتتم من خلال سندات وحسابات وتقارير مالية، ومراجعات قانونية، ونظم محاسبية.
كما يتم تنفيذ المشاريع من خلال جهات معتمدة، وتقوم الجمعية بتوثيق وصول التبرعات عبر الصور والفيديوهات، وسندات وتقارير موثقة.