مؤخرا أغلق، احمد، متجره الذي اسسه قبل نحو 20 عاما وكان مصدره الوحيد والذي يعتمد عليه لإعالة اسرته المكونة من زوجة و5 أطفال، بعد أن استنفد جميع محاولاته البقاء والصمود.
يشعر أحمد بالعجز وهو يتأمل حاله ومستقبل أطفاله بحزن وآلم، يقول: إن المحل كان مصدر دخل العائلة الوحيد"
يضيف في حديثه لـ "الصحوة نت" إن تردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، وزيادة الضرائب والجبايات بشكل كبير التي تفرضها مليشيا الحوثي التي تطلب منا في كل مناسبة دينية او وطنية، أصبح من المستحيل علينا الاستمرار في العمل".
تحاول زوجته التخفيف عنه، عيناها لا تخفيان القلق والخوف من المستقبل المجهول، الأطفال يشعرون بتغير كبير في حياتهم وهم يشاهدون والدهم يجلس في المنزل على غير عادته عاطل عن العمل.
تحولت الحياة التي كانت مليئة بالأمل إلى كفاح يومي من أجل البقاء، حيث يأمل أحمد أن تتحسن الأوضاع وتعود الأمور إلى نصابها، وإن كانت الظروف التي تعيشها البلاد لا تبشر بذلك.
وتابع: " الركود والضرائب المرتفعة أثر بشكل كبير على وضع الناس، حاولت جاهدا الصمود دون فائدة، وفي النهاية لم يعد بمقدوري تحمل الأعباء المالية المتزايدة"، مشيرا إلى أن الخسارة لم تكن مادية فحسب بل معنوية أيضا.
ليس لدينا خيار
حالة أخرى مشابهة لأحمد، ففي شارع هائل اضطرت "أم شهاب" لإغلاق متجرا صغيرًا لبيع الملابس، هو مصدر دخلها الوحيد بعد وفاة زوجها المفاجئ.
في السنوات الأخيرة تضاعفت عليها التكاليف من ضرائب وجبايات ورسوم، تفرضها المليشيات في كل مناسبة تابعة لها، لتتحول "أم شهاب" إلى الاعتماد على المساعدات بدلا من عملها الذي كان يغنيها وأطفالها.
تتحدث ام شهاب للصحوة نت" عن صعوبة العمل الذي اضطرها كارهة لإغلاق محلها حفاظا على ما بقي من رأس مالها، مشيرة إلى أن إغلاق المحل من أكثر القرارات صعوبةً التي اتخذته في حياتها فقد كان جزءًا من حياتها".
تعيش أم شهاب مع أبنائها في منزل صغير، تقول " إنها تعيش قلقة من الوضع، وأنها تسعى جاهدة لتأمين احتياجاتهم الأساسية، وايجاد حلولا بديلة لتحسين وضع اسرتها" مشيرة إلى أن مليشيا الحوثي تسلطت على رقاب المساكين التي لم تترك لها ولأمثالها خيارا آخراً".
احصاءات مخيفة
اغلاق المحلات التجارية الصغيرة وافلاس أصحابها، ظاهرة انتشرت في العاصمة صنعاء خاصة محلات الملابس، يؤكد مراقبون اقتصاديون أن مليشيا الحوثي تمارس سياسة ممنهجة في تدمير البيوت التجارية المعروفة واحلال بيوت تجارية دخيلة تتبع المليشيات.
كذلك يتم استهداف تجار التجزئة، عبر إنهاكهم بالضرائب والاتاوات شبه يومية، في ظل تراجع اقبال المواطنين على الشراء نتيجة الوضع المعيشي الصعب، دفع ببعضهم الى اغلاق محلاتهم.
بحسب تقارير اقتصادية وإحصاءات ميدانية شهدت أسعار المواد الغذائية الاساسية ارتفاعا دون أسباب معلنة، حيث بلغ سعر كيس القمح من 10 آلاف ريال ( 18 دولار) إلى 12 ألف ريال (22 دولار)، وهي زيادة كبيرة باعتبار فرق السعر 2100 ريال كما زادت أسعار زيوت الطهي بنسبة 50% وارتفعت أسعار بعض البقوليات بنسبة 100%.
الامر الذي دفع بنسبة 30 % تقريبا، من أصحاب المحلات التجارية لإغلاق محلاتهم في بلد يعاني 70% من الأسر فيه من صعوبة في تأمين احتياجاتها الأساسية اليومية، ويعاني نصف سكانه (حوالي 16.2 مليون شخص) من الجوع الحاد، ونصف الأطفال دون سن الخامسة (حوالي 2.3 مليون طفل) معرضون لخطر سوء التغذية بحسب تقارير منظمات اممية.
فقر مدقع وثراء فاحش للمليشيات
في الوقت الذي يتضاعف فيه الفقر ويزداد اتساعا بحسب تقارير أممية، ويعانى فيه ملايين اليمنيين من انعدام الأمن الغذائي وانتشار سوء التغذية الحاد بين الأطفال، تتضاعف ثروات قيادة مليشيا الحوثي وترتفع ابراجهم السكنية في العاصمة صنعاء، ويتجولون في آخر موديلات السيارات الفارهة.
تمكنت قيادة المليشيات وأتباعها منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة في سبتمبر 2014، من بناء امبراطورية مالية ضخمة، جنوا فيها تريليونات الريالات بعد سيطرتهم على تجارة المشتقات النفطية والغاز المنزلي واحتكار تجارتها وانشاء الأسواق السوداء.
إضافة إلى الاتصالات وميناء الحديدة والزكوات والضرائب، ونهب الودائع في البنوك وودائع اليمنيين، وسيطرتهم على معظم الاعمال والمشاريع الاقتصادية وفائض أرباح المؤسسات العامة، وابتزاز التجار، ومصادرة الممتلكات والعقارات لمعارضيهم السياسيين، ونهب الشركات والأموال السائلة، وامتلاكهم شبكات لتهريب وتجارة المخدرات، والأدوية المهربة والمنتهية الصلاحية، كل ذلك الى جانب تمويلات مالية ضخمة يتلقونها من إيران.
قيادات حوثية أصبحت خلال سنوات قلائل من الحرب مليارديرات أبرزها، أحمد حامد، و الدكتور القاسم عباس، ووليد شرف الدين، وأصبح لدى قيادات أخرى شركات تجارية واستثمارات.
تشير تقارير إلى ان مقربون من زعيم مليشيا الحوثي أسسوا منذ 2015، أكثر من 20 شركة نفطية، لاستيراد المشتقات النفطية وتزويد السوق المحلي.
من بين تلك الشركات "يمن لايف" يملكها، صلاح عبد السلام فليته، شقيق الناطق الرسمي للمليشيات المقيم في عُمان، محمد عبد السلام فليته، وشركة "أويل برايمر" التابعة لتاجر السلاح والسموم والاسمدة القيادي في المليشيات، دغسان محمد دغسان، وشركة "الذهب الأسود" التي تعود ملكيتها للشيخ الحوثي علي قرشه.
يقول السكان في العاصمة صنعاء أنهم يعرفون القيادات الحوثية الذين نهبوا أموال اليمنيين من خلال العمارات الشاهقة والابراج في كل صنعاء وبالأخص في الأحياء الراقية كالأصبحي، حدة، بيت بوس.