القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !

القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !

 

   كان التنبيه الذي نقله الصحابي الجليل ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلّم، مبكرا ؛ و الرسول يكشف له حالةً مستقبلية لحال الأمة ، قائلا : "كيف بك يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه". قال ثوبان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أَمِن قلة بنا؟ قال:" لا أنتم يومئذ كثير ولكن يُلقَى في قلوبكم الوهن" قالوا: و ما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حبكم الدنيا وكراهيتكم القتال".

 

   تبادر خوف ثوبان و من معه و هم يسمعون من الرسول الكريم ذلك التنبيه، أن تداعي الأمم على الأمة إنما سيكون بسبب قلة في العدد تلحق الأمة و تصيبها، مما يجعل بقية الأمم تتداعى للنيل منها.

 

   فراح ثوبان يعبر عما جاش في نفسه من خوف جراء ذلك الحال الذي سيكون مستقبلا، و هل السبب القلة؟

 

  لكن الرسول عليه السلام يبدد ذلك السبب، و لا يُقيم له اعتبارا، و إنما ينبه إلى ما هو أعظم خوفا، و أجل خطرا. فالقلة لم تكن يوما عاملا يخيف الأمة، و كأنما يستلفت الرسول صلى الله عليه وسلّم مَن حوله من الصحابة إلى حاضرهم، و واقعهم يومذاك، و يُحَفّز أذهانهم لاسترجاع وقائعهم مع قريش و هي تستنفر جموعها و أنصارها لمعركة بدر، و كيف كان النصر للقلة المؤمنة التي لم يكن للوهن في نفوسهم حظ، و لا لحب الدنيا نصيب، و يستذكرون معركة الخندق و كيف سعى يهود عند قبائل العرب من غطفان، و فزارة، و أسد.. و غيرها، فضلا عن قريش و حلفائها ؛ للاحتشــــاد في حـلف واحـد لاستئصــــال المسلمين ، و بالفعل تحرك حشد هـائل ، و جيش كثيف نحـو المدينة المنورة؛ ليطبق عليها حصارا خانقا، إلا جهة منها أَمِنها المسلمون باعتبار أن من يتموضع في تلك الجهة قبيلة يهودية بينها و بين الرسول عهد و ميثاق ، لكنها ــ لما رأت تلك الكثرة الكاثرة لجيش الأحــــزاب الذي تقوده قريش، و تُوَجِّه مساره مخططات اليهود ــ نكثت العهد، و نقضت الميثاق و انضمت للمحاصِرين المعتدين.

   و لكن مع كل ذلك، انتصرت القلة المحَاصَرة، على جيش الأحزاب، و مخططات يهود.

 

   ليس ضعف الأمة إذن في قلتها، و لكن ضعفها المخيف فيما قد يحل فيها من وَهَنٍ شديد يورثها الانبطاح، و الاستسلام الذليل، و كراهية القتـــال الذي تكون معه الأمـة عونــا للعدو ، و خذلانا للشقيق.

 

   أبناء معركة الطوفان ليسوا كثرة، و إنما قلة، و لكنها قلة على نهج مسار المسلمين الأُوَل.

 

   و في اليمن ؛ ألقت إيران بثقلها الظاهر و الخفي ضد الشعب اليمني ، وزودته بكل أدوات الدمـار و الخــراب ، لكن الشـعب اليمـــني طال الزمن أو قصـر، لن يقبل أن تعود به الأيـــام إلى عقلية الحكم الإمـامي المتخلف ؛ و هو التخـلف، و الجـبروت ، و الظلم ، و الضلال الذي مضت مليشيا الحوثي تؤكده بالحديد و النــار في منـاطق سيطرتهـا، و تتوعد به اليمـنيين أجمعين ؛ الأمر الذي يوجب على كل الأحرار مواجهة هذا البؤس الأسود المتمثل بمليشيا الحوثي الإيرانية.

 

 

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى